… ثُمَّ مَا لَبِثَ أَنْ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ رَسُولِ الله ، فَمَا بَقِيَ إِلَّا نَفَرٍ قَلِيلٍ مَا يَزِيدُونَ عَلَى العَشْرَةِ فَمِلْتُ إِلَيْهِ أَنَا وَابْنِي وَزَوْجِي ، وَأَحَطْنَا بِهِ إِحَاطَةَ السَّوَارِ بِالمِعْصَمِ وَجَعَلْنَا نَذُودُ عَنْهُ بِسَائِرِ مَا نَمْلِكُهُ مِنْ قُوَّةٍ وَسِلَاحِ.
نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبِ المَازِنِيَّةُ – أم عمارة
عَادَتْ أُمُّ عُمَارَةَ إِلَى يَثْرِبَ ، فَرِحَةٌ بِمَا أَكْرَمَهَا اللَّهُ بِهِ مِنْ لِقَاءِ الرَّسُولِ الأَعْظم صلى الله عليه وسلم عَاقِدَةُ العَزْمِ عَلَى الوَفَاءِ بِشُرُوطِ البَيْعَةِ ….
ثُمَّ مَضَتِ الأَيَّامُ سِرَاعاً ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ أُحَدٍ ، وَكَانَ لِأُمِّ عُمَارَةَ فِيهِ شَأْنٌ وَأَيُّ شَأْنٍ ؟! خَرَجَتْ أُمُّ عُمَارَةَ إِلَى أُحُدٍ تَحْمِلُ سِقَاءَهَا لِتَرْوِيَ ظَمَأَ المُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ الله .
وَمَعَهَا لَفَائِفُهَا لِتُضَمِّدَ جِرَاحَهُمْ .. وَلَا عَجَبَ فَقَدْ كَانَ لَهَا فِي المَعْرَكَةِ زَوْجٌ وَثَلَاثَةُ هُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَوَلَدَاهَا حَبِيبُ وَعَبْدُ اللَّهِ …
وَذَلِكَ بِالإِضَافَةِ إِلَى إِخْوَتِهَا مِنَ المُسْلِمِينَ الذَّائِدِينَ عَنْ دِينِ اللهِ المُنَافِحِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ .
ثُمَّ كَانَ مَا كَانَ يَوْمُ ( أُحُدٍ ) …
فَلَقَدْ رَأَتْ أُمُّ عُمَارَةَ بِعَيْنَيْهَا كَيْفَ تَحَوَّلَ نَصْرُ المُسْلِمِينَ إِلَى هَزِيمَةٍ كُبْرَى …
وَكَيْفَ أَخَذَ القَتْلُ يَشْتَدُ فِي صُفُوفِ المُسْلِمِينَ فَيَتَسَاقَطُونَ عَلَى أَرْضِ المَعْرَكَةِ شَهِيداً إِثْرَ شَهِيد …
وَكَيْفَ زُلْزِلَتْ الأَقْدَامُ ، فَتَفَرَّقَ الرِّجَالُ عَنْ رَسُولِ الله حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا عَشْرَةٌ أَوْ نَحْو مِنْ عَشْرَةٍ …
مِمَّا جَعَلَ صَارِحَ الكُفَّارِ يُنَادِي : لَقَدْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ … لَقَدْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ.
…
عِنْدَ ذَلِكَ أَلْقَتْ أُمُّ عُمَارَةَ سِقَاءَهَا ، وانبرت إِلَى المَعْرَكَةِ كَالنَّمِرَةِ الَّتِي قُصِدَ أَشْبَالُهَا بِشَرٌ …
وَلَنَتْرُكَ لأَمِّ عُمَارَةَ نَفْسِهَا الحَدِيثَ عَنْ هَذِهِ اللَّحَظَاتِ الحَاسِمَاتِ ، فَلَيْسَ كَمِثْلِهَا مَنْ يَسْتَطِيعُ تَصْوِيرَهَا بِدِقَةٍ وَصِدْقٍ .
قَالَتْ أُمُّ عُمَارَةَ :
خَرَجْتُ أَوَّلَ النَّهَارِ إِلَى « أُحُدٍ » وَمَعِيَ سِقَاءٌ أَسْقِي مِنْهُ المُجَاهِدِينَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ وَالدَّوْلَةُ وَالرِّيحُ لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ …
ثُمَّ مَا لَبِثَ أَنْ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ رَسُولِ الله، فَمَا بَقِيَ إِلَّا فِي نَفَرٍ قَلِيلٍ مَا يَزِيدُونَ عَلَى العَشْرَةِ …
فَمِلْتُ إِلَيْهِ أَنَا وَابْنِي وَزَوْجِي … وَأَحَطْنَا بِهِ إِحَاطَةَ السَّوَارِ بِالمِعْصَمِ وَجَعَلْنَا نَذُودُ عَنْهُ بِسَائِرِ مَا نَمْلِكُهُ مِنْ قُوَّةٍ وَسِلَاحِ ..
وَرَآنِي الرَّسُولُ الكَرِيمُ وَلَا تَرْسَ مَعِي أَقِي بِهِ نَفْسِي مِنْ ضَرْبَاتِ المُشْرِكِينَ .
ثُمَّ أَبْصَرَ رَجُلًا مُوَلِّياً وَمَعَهُ تُرْسٌ فَقَالَ لَهُ :
الْقِ تِرْسَكَ إِلَى مَنْ يُقَاتِلُ فَأَلْقَى الرَّجُلُ يَرْسَهُ وَمَضَى …
فَأَخَذْتُهُ وَجَعَلْتُ أَتَتَرَّسُ بِهِ عَنِ الرَّسُولِ الله وَمَا زِلْتُ أُضَارِبُ عَنِ النَّبِيِّ بِالسَّيْفِ .
…
وَأَرْمِي دُونَهُ بِالقَوْسِ حَتَّى أَعْجَزَتْنِي الجِرَاحُ . وَفِيمَا نَحْنُ كَذَلِكَ أَقْبَلَ ابْنُ قَمِئَةٍ كَالجَمَل
الهَائِج وَهُوَ يَصِيحُ :
أَيْنَ مُحَمَّدٌ ؟
دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ
فَاعْتَرَضْتُ سَبِيلَهُ أَنَا وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَصَرَعَ:
مُصْعَباً بِسَيْفِهِ وَأَرْدَاهُ قَتِيلاً ..
ثُمَّ ضَرَبَنِي ضَرْبَةً خَلَّفَتْ فِي عَاتِقِي جُرْحاً غَائِراً …
فَضَرَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ ضَرْبَاتٍ ، وَلَكِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ كَانَتْ عَلَيْهِ دِرْعَانِ .
…
ثُمَّ أَتَّبَعَتْ نَسِيبَةُ المَازِنِيةُ تَقُولُ :
وَفِيمَا كَانَ ابْنِي يُنَاضِلُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَهُ أَحَدُ المُشْرِكِينَ ضَرْبَةً كَادَتْ تَقْطَعُ عَضُدَهُ …
وَقَالَ :
وَجَعَلَ الدَّمَ يَتَفَجَّرُ مِنْ جُرْحِهِ الغَائِرِ … فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ ، وَضَمَّدْتُ جُرْحَهُ ، وَقُلْتُ لَهُ :
انْهَضْ يَا بُنَيَّ وَجَالِدِ القَوْمَ .
…
فَالْتَفَتَ إِلَيَّ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ
( وَمَنْ يُطِيقُ مَا تُطِيقِينَ يَا أُمَّ عُمَارَةَ ) ؟!
ثُمَّ أَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي ضَرَبَ ابْنِي ، فَقَالَ الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : (هَذَا ضَارِبُ ابْنِكِ يَا أُمَّ عُمَارَةَ)
فَمَا أَسْرَعَ أَنِ اعْتَرَضْتُ سَبِيلَهُ وَضَرَبْتُهُ عَلَى سَاقِهِ بِالسَّيْفِ ؛ فَسَقَطَ صَرِيعا عَلَى الْأَرْضِ …
فَأَقْبَلْنَا عَلَيْهِ نَتَعَاوَرُهُ بِالسُّيُوفِ وَنَطْعَنُهُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى أَجْهَزْنَا عَلَيْهِ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ النَّبِيُّ الأَعْظَمُ صلى الله عليه وسلم
مُبْتَسِماً وَقَالَ :
( لَقَدْ اقْتَصَصْتِ مِنْهُ يَا أُمَّ عُمَارَةَ . وَالحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْفَرَكِ بِهِ … وَأَرَاكِ ثَأْرَكِ بِعَيْنِكِ ) .
…
لَمْ يَكُنْ وَلَدًا أُمِّ عُمَارَةَ أَقَلَّ شَجَاعَةً وَبَذْلًا مِنْ أُمَّهِمَا وَأَبِيهِمَا ، وَلَا أَدْنَى تَضْحِيَّةً وَفِدَاءً مِنْهُمَا .
فَالْوَلَدُ سِر أُمِّهِ وَأَبِيهِ ، وُصُورَةٌ صَادِقَةٌ عَنْهُمَا . حَدَّثَ ابْنُهَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ :
شَهِدْتُ ( أُحداً ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ دَنَوْتُ مِنْهُ أَنَا وَأُمِّي نَذْبُّ ) عَنْهُ ، فَقَالَ :
ابْنُ أُمِّ عُمَارَةَ ؟
قُلْتُ : نَعَمْ
قَالَ : ( ارم …)
فَرَمَيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلاً مِنَ المُشْرِكِينَ بِحَجَرٍ فَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ، فَمَا زِلْتُ أَعْلُوهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى جَعَلْتُ عَلَيْهِ
مِنْهَا حِمْلاً ، وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ يَنْظُرُ إِلَيَّ وَيَبْتَسِمُ . وَحَانَتْ مِنْهُ التِفَاتَةٌ فَرَأَى جُرْحَ أُمِّي عَلَى عَاتِقِهَا
يَتَصَبَّبُ مِنْهُ الدَّمُ فَقَالَ :
(أُمَّكَ .. أُمَّكَ .. اعْصِبْ جُرْحَهَا . بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ لَمَقَامُ أُمِّكَ خَيْرٌ مِنْ مَقَامِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ …
رَحِمَكُمْ اللَّهُ أَهْلَ بَيْتٍ ) .
فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ أُمِّي وَقَالَتْ :
ادْعُ اللهَ لَنَا أَنْ نرافِقَكَ فِى الجَنَّةِ يَا رَسُولَ الله . فَقَالَ : (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُمْ رُفَقَائِي فِي الجَنَّةِ )
فَقَالَتْ أُمِّي :
مَا أُبَالِي بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَصَابَنِي فِي الدُّنْيَا
ثُمَّ عَادَتْ أُمُّ عُمَارَةَ مِنْ أُحَدٍ بِجَرْحِهَا الغَائِرِ وَهَذِهِ الدُّعْوَةِ الَّتِي دَعَا لَهَا بِهَا الرَّسُولُ الأَعْظَمُ .
يَقُولُ :
وَعَادَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ أُحُدٍ ) وَهُوَ ( مَا الْتَفَتُ يَوْمَ أُحَدٍ يَمِيناً وَلَا شِمَالاً إِلَّا وَرَأَيْتُ أمَّ عُمَارَةَ تُقَاتِلُ دُونِي ) .
تَمْرَسَتْ أُمُّ عُمَارَةَ يَوْمَ أُحَدٍ عَلَى القِتَالِ ؛ فَأَثْقَتَتَهُ وَذَاقَتْ حَلَاوَةَ الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ فَمَا عَادَتْ
تُطِيقُ عَنْهُ صَبْراً .
وَقَدْ كُتِبَ لَهَا أَن تَشْهَدَ مَعَ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ المَشَاهِدِ
فَحَضَرَتْ مَعَهُ الحديبية ، وَخَيْبَراً …
وَعُمْرَةَ القَضيَّةَ وَحُنَيْناً …
وَبَيْعَةَ الرَّضْوَانِ …
وَلَكِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يُعَدُّ شَيْئًا إِذَا قِيسَ بِمَا كَانَ مِنْهَا يَوْمَ اليَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَنْهُ .
***
تَبْدَأُ قِصَّةُ أُمِّ عُمَارَةَ مَعَ يَوْمِ اليَمَامَةِ منذ عمرة الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ عُمرة القضية أو عمرة القضاء : هي العُمْرَة التي اعتمرها النبي الله وأصحابه بعد صلح الحديبية .
فَقَدْ بَعَثَ الرَّسُولُ الْأَعْظَمُ صلى الله عليه وسلم ابْنَهَا حَبِيبَ بْنِ زَيْدٍ بِرِسَالَةٍ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ …
فَغَدَرَ مُسَيْلِمَةُ بِحَبِيبِ وَقَتَلَهُ قَتْلَةً تَقْشَعِرُ مِنْهَا الجُلُودُ .
ذَلِكَ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ قَيَّدَ حَبِيباً ثُمَّ قَالَ لَهُ :
أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ؟
فَقَالَ : نَعَمْ .
فَقَالَ مُسَيْلِمَةُ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟
فَقَالَ : لَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ ….
فَقَطَعَ مِنْهُ عُضْواً …
ثُمَّ مَازَالَ مُسَيْلِمَةُ يُعِيدُ عَلَيْهِ السُّؤَالَ نَفْسَهُ ، فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الجَوَابَ نَفْسَهُ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْقِصْ .
وَكَانَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَقْطَعُ مِنْهُ عُضُوا حَتَّى فَاضَتْ رُوحُهُ الطَّاهِرَةُ ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ذَاقَ مِنَ العَذَابِ مَا تَتَزَلْزَلُ
مِنْهُ الصُّمُ الصَّلَابُ نَعَى النَّاعِيَ حَبِيبَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى أُمِّهِ نَسِيبَةَ المَازِنِيَّةَ
فَمَا زَادَتْ عَلَى أَنْ قَالَتْ :
مِنْ أَجْلِ مِثْلِ هَذَا المَوْقِفِ أَعْدَدْتُهُ وَعِنْدَ اللهِ احْتَسَبْتُهُ لَقَدْ بَايَعَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ العَقَبَةِ صَغِيراً ….
وَوَفَّى لَهُ اليَوْمَ كَبِيراً …. وَلَئِن أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْ مُسَيْلِمَةَ لَأَجْعَلَنَّ بَنَاتِهِ يَلْطِمْنَ الخُدُودَ عَلَيْهِ
لَمْ يُبطئ الْيَوْمُ الذي تمثله نسيبة كثيراً …
حَيْثُ أَذْنَ مُؤَذِّنُ أَبِي بَكْرٍ فِي المَدِينَةِ أَنْ حَيَّ عَلَى قِتَالِ المُتَنَبِّيُّ الكَذَّابِ مُسَيْلِمَةَ فَمَضَى المُسْلِمُونَ يَحُثُونَ الخُطَا إِلَى لِقَائِهِ ، وَكَانَ في الجَيْشِ أُمُّ عُمَارَةَ المُجَاهِدَةُ البَاسِلَةُ وَوَلَدُهَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ زَيْدِ .
وَلَمَّا الْتَقَى الجَمْعَانِ وَحَمِيَ وَطِيسُ المَعْرَكَةِ كَانَ يَتَرَبَّدُ لِمُسَيْلِمَةَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى رَأْسِهِمْ أمّ عُمَارَةَ الَّتِي تُرِيدُ أَنْ تَنْتَقِمَ لِابْنِهَا الشَّهِيدِ.
…
وَوَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَاتِلُ حَمْزَةَ. يَوْمَ ( أُحُدٍ ) …
فَقَدْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ شَرَّ النَّاسِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ . بَعْدَ أَنْ قَتَلَ أَحَدَ أَخْيَارِ النَّاسِ وَهُوَ مُشْرِكٌ .
لَمْ تَسْتَطِعْ أُمُّ عُمَارَةَ أَنْ تَصِلَ إِلَى مُسَيْلِمَةَ بَعْدَ أَنْ قُطِعَتْ يَدُهَا فِي المَعْرَكَةِ ..
وَأَثخَنَتْهَا الجرَاحُ ..
لَكِنَّ وَحْشِيَ بْنَ حَرْبٍ ، وَأَبَا دُجَانَةَ صَاحِبَ سَيْفِ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَا إِلَى مُسَيْلِمَةَ وَضَرَبَاهُ عَنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ …
فَقَدْ طَعَنَهُ وَحْشِيٌّ بِالحَرْبَةِ …
…
وَضَرَبَهُ أَبُو دُجَانَةَ بِالسَّيْفِ فَخَرَّ صَرِيعاً فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ .
عَادَتْ أُمُّ عُمَارَةَ بَعْدَ اليَمَامَةِ إِلَى المَدِينَةِ بِيَدِ وَاحِدَةٍ وَمَعَهَا ابْنُهَا الوَحِيدُ .
أَمَّا يَدُهَا الأُخْرَى فَقَدِ احْتَسَبَتْهَا عِنْدَ اللَّهِ كَمَا احْتَسَبَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَدَهَا الشَّهِيدَ . وَلِمَ لَا تَحْتَسِبُهُمَا ؟!
أَلَمْ تَقُلْ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : ادْعُ الله لنا أن نرافقك في الجنة …
فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : ( اللَّهُمَّ اجْعَلْهُمْ رِفَاقِي فِي الجَنَّةِ)
فَقَالَتْ : مَا أُبَالِي بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَصَابَنِي فِي الدُّنْيَا …
رَضِيَ اللهُ عَنْ أَمِّ عُمَارَةَ وَأَرْضَاهَا ، فَقَدْ كَانَتْ طِرَازا فَرِيداً بَيْنَ النِّسَاءِ المُؤْمِنَاتِ
وَأَنْمُوذَجاً فَذًا بَيْنَ المُجَاهِدَاتِ الصَّابِرَاتِ .