(بَعْضُ مَنْ أُصِيبَ بِهَا)
وَغَزْوَةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَيْضًا وَادِيَ الْقُرَى، لَقِيَ بِهِ بَنِي فَزَارَةَ، فَأُصِيبَ بِهَا نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَارْتُثَّ زَيْدٌ مِنْ بَيْنَ الْقَتْلَى، وَفِيهَا أُصِيبَ وَرْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَدَاشٍ، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي سَعْدِ بْنِ هُذَيْلٍ، أَصَابَهُ أَحَدُ بَنِي بَدْرٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ.
(مُعَاوَدَةُ زَيْدٍ لَهُمْ)
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ آلَى أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ غُسْلٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ بَنِي فَزَارَةَ، فَلَمَّا اسْتَبَلَّ مِنْ جِرَاحَتِهِ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَنِي فَزَارَةَ فِي جَيْشٍ، فَقَتَلَهُمْ بِوَادِي الْقُرَى، وَأَصَابَ فِيهِمْ، وَقَتَلَ قَيْسَ بْنَ الْمُسَحَّرِ الْيَعْمُرِيَّ مَسْعَدَةَ بْنَ حَكَمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَأُسِرَتْ أُمُّ قِرْفَةَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ بَدْرٍ، كَانَتْ عَجُوزًا كَبِيرَةٌ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ حُذَيْفَةَ ابْن بَدْرٍ، وَبِنْتٌ لَهَا، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعَدَةَ، فَأَمَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ قَيْسَ بْنَ الْمُسَحَّرِ أَنْ يَقْتُلَ أُمَّ قِرْفَةَ، فَقَتَلَهَا قَتْلًا عَنِيفًا، ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنَةِ أُمِّ قِرْفَةَ، وَبِابْنِ مَسْعَدَةَ.
(شَأْنُ أُمِّ قِرْفَةَ)
وَكَانَتْ بِنْتُ أُمِّ قِرْفَةَ لِسَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ، كَانَ هُوَ الَّذِي أَصَابَهَا، وَكَانَتْ فِي بَيْتِ شَرَفٍ مِنْ قَوْمِهَا، كَانَتْ الْعَرَبُ تَقُولُ: (لَوْ كُنْتَ أَعَزَّ مِنْ أُمِّ قِرْفَةَ مَا زِدْتُ) . فَسَأَلَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَمَةُ، فَوَهَبَهَا لَهُ، فَأَهْدَاهَا لِخَالِهِ حَزْنَ بْنَ أَبِي وَهْبٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَزْنٍ.
(شِعْرُ ابْنِ الْمُسَحَّرِ فِي قَتْلِ مَسْعَدَةَ)
فَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْمُسَحَّرِ فِي قَتْلِ مَسْعَدَةَ:
سَعَيْتُ بِوَرْدٍ مِثْلَ سَعْيِ ابْنِ أُمِّهِ … وَإِنِّي بِوَرْدٍ فِي الْحَيَاةِ لَثَائِرُ
كَرَرْتُ عَلَيْهِ الْمُهْرَ لَمَّا رَأَيْتُهُ … عَلَى بَطَلٍ مِنْ آلِ بَدْرٍ مُغَاوِرِ
فَرَكَّبْتُ فِيهِ قَعْضَبِيًّا كَأَنَّهُ [٣] … شِهَابٌ بِمَعْرَاةَ يُذَكَّى لِنَاظِرِ
غَزْوَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ لِقَتْلِ الْيَسِيرِ بْنِ رِزَامٍ
وَغَزْوَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ خَيْبَرَ مَرَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا الَّتِي أَصَابَ فِيهَا الْيَسِيرَ بْنَ رِزَامٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ ابْنُ رَازِمٍ.
(مَقْتَلُ الْيَسِيرِ)
وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ الْيَسِيرِ بْنِ رِزَامٍ أَنَّهُ كَانَ بِخَيْبَرِ يَجْمَعُ غَطَفَانَ لِغَزْوِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، حَلِيفُ بَنِي سَلِمَةَ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ كَلَّمُوهُ، وَقَرَّبُوا لَهُ، وَقَالُوا لَهُ: إنَّكَ إنْ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَكَ وَأَكْرَمَكَ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ، حَتَّى خَرَجَ مَعَهُمْ فِي نَفَرٍ مِنْ يَهُودَ، فَحَمَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ عَلَى بَعِيرِهِ، حَتَّى إذَا كَانَ بِالْقَرْقَرَةِ مِنْ خَيْبَرَ، عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ، نَدِمَ الْيَسِيرُ بْنُ رِزَامٍ عَلَى مَسِيرِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَطَنَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، وَهُوَ يُرِيدُ السَّيْفَ، فَاقْتَحَمَ بِهِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَ رِجْلَهُ، وَضَرَبَهُ الْيَسِيرُ بِمِخْرَشٍ فِي يَدِهِ مِنْ شَوْحَطٍ، فَأَمَّهُ ، وَمَالَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ يَهُودَ فَقَتَلَهُ، إلَّا رَجُلًا وَاحِدًا أَفْلَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَلَ عَلَى شَجَّتِهِ، فَلَمْ تَقِحْ وَلَمْ تُؤْذِهِ.
سيرة ابن هشام