عاتكة بنت زيد رضي الله عنها أخت الصحابي سعيد بن زيد أحد المبشرين بالجنة، تزوجت من 3 من الصحابة رضي الله عنهم، الأول عبد الله بن أبي بكر الصديق ثم استشهد فتزوجت عمر بن الخطاب وهو ابن عمها واستشهد ثم تزوجت الزبير بن العوام ثم توفيت سنة 41 للهجرة.
رثت زوجها الأول فقالت:
فلله عينا من رأى مثله فتى
أكر وأحمى في الهياج وأصبرا
إذا أشرعت فيه الأسنة خاضها
إلى الموت يترك الرمح أحمرا
وآليت لا تنفك عيني حزينة
عليك ولا ينفعك جلدي أغبرا
مَدى الدهرِ ما غنت حمامة أيكة
وما طرد الليل الصباح المنورا
رُزئت بخير الناسِ بعد نبيهم
وبعد أَبي بكر وما كان قصّر
ورثت زوجها الثاني فقالت:
وفجعني فيروز لا در دره
بأبيض تال للكتاب منيب
رؤوف على الأدنى غليظ على العدى
أخي ثقة في النائبات مجيب
متى ما يقل لا يكذب القول فعله
سريع إلى الخيرات غير قطوب
عين جودي بعبرة ونحيب
لا تملي على الأمين النجيب
فجعتني المنون بالفارس المع
لم يوم الهياج والتثويب
ورثت زوجها الثالث فقالت:
غدرَ بن جرموزٍ بفارس بُهمةٍ
يوم اللقاء وكان غير معرِّدِ
يا عمرو لو لاقيته لوجدته
لا طائشاً رعِشَ الجنانِ ولا اليدِ
ثكلتك امك إن ظفرت بمثله
فيما مضى ممن يروح ويغتدي
شَلَّت يمينك إن قتلتَ لمسلماً
حلت عليك عقوبة المتعمدِ
رضي الله عنهم أجمعين.
قال ابن كثير: “توفيت سنة 41هـ في خلافة معاوية: عاتكة بنت زيد ابن عَمْرِو بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَهِيَ أُخْتُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَحَدُ الْعَشَرَةِ، أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ وَكَانَتْ مِنْ حِسَانِ النِّسَاءِ وَعُبَّادِهِنَّ، تَزَوَّجَهَا عبيد اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَتَتَيَّمَ بِهَا، فَلَمَّا قتل في غزوة الطائف آلت أن لا تزوج بَعْدَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا عمر بن الخطاب – وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا – فَتَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا قُتِلَ عَنْهَا خَلَفَ بعده عليها الزبير بن العوام، فقتل بِوَادِي السِّبَاعِ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا علي بن أبي طالب يخطبها فقالت: إِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ، فَأَبَتْ أَنْ تتزوجه ولو تزوجته لقتل عنها أيضاً، فإنها لم تزل حَتَّى مَاتَتْ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ فِي هذه السنة رضي الله عنها”.
من يتأمل قصة هذه الصحابية الجليلة، يدرك كم نعيش في جاهلية في هذا العصر! كان الزواج عظيما يزدان بالصدق والمودة وحسن العشرة، وكانت قضيتهم الكبرى هي الإسلام ونصرته، فلا عجب أن استشهد الرجال في هذه السبيل، وكانت الفصاحة والرقي والتقدير لفضل الزوج شيمة القرشية ولا يخفى مقامها لدى أزواجها تباعا!