“فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور، ويميز الله بين المؤمن والمنافق”

قال سليم بن عامر:

خرجنا في جنازة في باب دمشق، ومعنا أبو أمامة فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة رضي الله عنه:

« يا أيها الناس ، أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو هذا ، فيشير إلى القبر. بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق ، إلا ما وسع الله.

ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حين يغشى الناس أمر من أمر الله ، فتبيض وجوه ، وتسود وجوه. ثم تنتقلون إلى منزل فتغشى الناس ظلمة شديدة. ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق ، فلا يعطيان شيئا من النور ، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه :

“أو كظلمات في بحر لجي” إلى قوله : “فما له من نور”

فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن ،
كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير ،

فيقول المنافقون للذين آمنوا : “انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا”

وهي خدعة الله التي يخدع المنافقين ،
قال الله تبارك وتعالى : “يخادعون الله وهو خادعهم”

فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور ، فلا يجدون شيئا ، فينصرفون إليهم وقد “ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم ” نصلي صلاتكم ، ونغزو مغازيكم ؟
“قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني” إلى قوله : “وبئس المصير “

ويقول سليم : “فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ، ويميز الله بين المؤمن والمنافق”

ابن المبارك في الزهد

شارك هذا المقال:

مقالات مشابهة