وَرَعُ عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه
عن عُثمانَ بنِ أبي العاتِكةِ (أنَّ عُبادةَ بنَ الصَّامِتِ مرَّ بقريةٍ من قُرى الغوطةِ، فأمر غلامًا أن يقطَعَ له سواكًا من صَفصافٍ على نهرِ بردَى، فمضى، ثمَّ قال: ارجِعْ؛ فإنَّه إلَّا يكُنْ بثَمَنٍ فإنَّه سيَيبسُ فيعودُ حَطَبًا بثَمَنٍ)
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في ((الأموال)) (420)، وابن زنجويه في ((الأموال)) (628) واللفظ له، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (26/203).
ورَعُ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما
عن قَزَعةَ قال: (رأيتُ على ابنِ عُمَرَ ثيابًا خَشِنةً أو جَشِبةً ، فقلتُ له: إني قد أتيتُك بثوبٍ لَيِّنٍ ممَّا يُصنَعُ بخُراسان، وتَقَرُّ عيناي أن أراه عليك! قال: أرِنيه. فلَمَسَه، وقال: أحريرٌ هذا؟ قلتُ: لا، إنَّه من قُطنٍ. قال: إني أخافُ أن ألبَسَه، أخافُ أكونُ مختالًا فخورًا، واللهُ لا يحِبُّ كُلَّ مختالٍ فخورٍ) . رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/302).
وعن طاوُوسَ قال: (ما رأيتُ أورَعَ من ابنِ عُمَرَ) ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (3/350).
الجَشِبُ: الغليظُ الخَشِنُ.
وَرَعُ عَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه
قال يحيى بنُ سَلَمةَ: (استعمل عليٌّ عَمرَو بنَ سَلِمةَ على أصبهانَ، فقَدِم ومعه مالٌ وزِقاقٌ فيها عَسَلٌ وسمنٌ، فأرسَلَت أمُّ كُلثومٍ بنتُ عليٍّ إلى عمرٍو تطلُبُ منه سمنًا وعَسَلًا، فأرسل إليها ظَرفَ عَسَلٍ وظَرفَ سمنٍ. فلمَّا كان الغَدُ خرج عليٌّ وأحضر المالَ والعَسَلَ والسَّمنَ ليُقسَمَ، فعَدَّ الزِّقاقَ فنقَصَت زِقَّينِ، فسأله عنهما، فكتَمَه وقال: نحن نحضِرُها، فعَزَم عليه إلَّا ذكرَها له، فأخبره، فأرسَلَ إلى أمِّ كُلثومٍ فأخذ الزِّقَّين منها، فرآهما قد نقَصَا، فأمَرَ التُّجَّارَ بتقويمِ ما نقَص منهما، فكان ثلاثةَ دراهِمَ، فأرسل إليها فأخَذَها منها ثمَّ قَسَم الجميعَ!) يُنظَر: ((الكامل في التاريخ)) لابن الأثير (3/264).
وَرَعُ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه
عن عاصِمِ بنِ عُمَرَ (عن عُمَرَ قال: إنَّه لا أجِدُه يحِلُّ لي أن آكُلَ من مالِكم هذا إلَّا كما كنُت آكُلُ من صُلبِ مالي: الخُبزُ والزَّيتُ، والخُبزُ والسَّمنُ، قال: فكان ربَّما يؤتى بالجَفنةِ قد صُنِعَت بالزَّيتِ، وممَّا يليه منها سَمنٌ، فيعتَذِرُ إلى القومِ، ويقولُ: إني رجلٌ عربيٌّ، ولستُ أستمري الزَّيتَ!) . رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الورع)) (190)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (44/302).
وعن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه كان فَرَض للمهاجِرين الأوَّلين أربعةَ آلافٍ في أربعةٍ، وفَرَض لابنِ عُمَرَ ثلاثةَ آلافٍ وخَمسَ مائةٍ، فقيل له: هو من المهاجِرين، فلمَ نقَصْتَه من أربعةِ آلافٍ؟! فقال: إنما هاجَرَ به أبواه، يقولُ: ليس هو كمَن هاجَرَ بنَفْسِه!) . رواه البخاري (3912).
قال ابنُ عُثَيمين: (وهذا يدُلُّ دَلالةً عظيمةً على شِدَّةِ وَرَعِ أميرِ المُؤمِنين عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه. وهكذا يجِبُ على من تولى شيئًا من أمورِ المُسلِمين ألَّا يحابَي قريبًا لقُربِه، ولا غنيًّا لغِناه، ولا فقيرًا لفَقرِه، بل ينزِلُ كُلَّ أحدٍ مَنزلتَه، فهذا من الوَرَعِ والعَدلِ، ولم يقُلْ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: يا أبتِ، أنا مهاجِرٌ، ولو شِئتُ لبَقيتُ في مكَّةَ، بل وافق على ما فرَضه له أبوه) . ((شرح رياض الصالحين)) (3/508).