لقد قامت خديجة رضي الله عنها بدورٍ مهمٍّ في حياة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ لما لها من شخصيةٍ في مجتمع قومها، ولما جُبلت عليه من الكفاءة في المجالات النَّفسيَّة، الَّتي تقوم على الأخلاق العالية؛ من الرَّحمة، والحلم، والحكمة، والحزم، وغير ذلك من مكارم الأخلاق. والرَّسول صلى الله عليه وسلم قد وفقه الله تعالى إلى هذه الزَّوجة المثاليَّة؛ لأنَّه قدوةٌ للعالمين، وخاصَّةً الدُّعاة إلى الله، فقيام خديجة بذلك الدَّور الكبير إعلامٌ من الله تعالى لجميع حملة الدَّعوة الإسلاميَّة بما يشرع لهم أن يسلكوه في هذا المجال، من التأسِّي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتَّى يتحقَّق لهم بلوغ المقاصد العالية الَّتي يسعون لتحقيقها. [التَّاريخ الإسلامي، للحميدي، 1/69]
إنَّ السيدة خديجة رضي الله عنها مثالٌ حسنٌ، وقدوةٌ رفيعةٌ لزوجات الدُّعاة، فالدَّاعية إلى الله ليس كباقي الرِّجال الَّذين هم بعيدون عن أعباء الدَّعوة، ومن الصَّعب أن يكون مثلهم في كلِّ شيءٍ؛ إنَّه صاحب هَمٍّ، ورسالةٍ، هَمٍّ على ضياع أمَّته، وانتشار الفساد، وزيادة شوكة أهله، وهَمٍّ لما يصيب المسلمين في مشارق الأرض، ومغاربها، من مؤامراتٍ، وظلمٍ، وجوعٍ، وإذلالٍ، وما يصيب الدُّعاة منهم من تشريدٍ، وتضييقٍ، وتنكيلٍ، وبعد ذلك هو صاحب رسالة؛ واجب عليه تبليغها للآخريـن، وهذا الواجب يتطلَّب وقتاً طويلاً يأخذ عليه أوقات نومه، وراحته، وأوقات زوجته، وأبنائه، ويتطلَّب تضحيةً بالمال والوقت، والدُّنيا بأسرها، ما دام ذلك في سبيل الله ومرضاته، وإن أوتيت الزَّوجة من الأخلاق، والتَّقوى، والجمال، والحسب ما أوتيت، إنَّه يحتاج إلى زوجة تدرك واجب الدَّعوة، وأهمِّيتها، وتدرك تماماً ما يقوم به الزَّوج، وما يتحمَّله من أعباء، وما يعانيه من مشاقّ، فتقف إلى جانبه تيسِّر له مهمَّته وتعينه عليها، لا أن تقف عائقاً، وشوكةً في طريقه. [وقفات تربوية من السِّيرة النبوية ، للبلالي، ص 40]
@wesalasabeqeenalawaleen
لا شكَّ: أنَّ الزَّوجة الصَّالحة المؤهَّلة لحمل مثل هذه الرِّسالة، لها دورٌ عظيمٌ في نجاح زوجها في مهمَّته في هذه الحياة، وبخاصةٍ الأمور التي يعامل بها النَّاس، وإنَّ الدَّعوة إلى الله تعالى هي أعظم أمر يتحمَّله البشر، فإذا وُفِّق الدَّاعية لزوجةٍ صالحةٍ ذات كفاءةٍ، فإنَّ ذلك من أهمِّ أسباب نجاحه مع الآخرين.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «الدُّنيا متاعٌ، وخير متاع الدُّنيا المرأةُ الصَّالحةُ»
[أحمد (2/168) ومسلم (1467) والنسائي في السنن الكبرى (5325) وابن ماجه (1855)] .