روى أبو داود الطيالسي ، وابن أبي شيبة ، والإمام أحمد ، ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما فرغ من طوافه ، أتى الصفا فعلا منه حتى يرى البيت ، فرفع يديه ، وجعل يحمد الله – تعالى – ويذكره . ويدعو ما شاء الله أن يدعو . والأنصار تحته ، فقال بعضهم لبعض : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ، ورأفة بعشيرته – قال أبو هريرة – رضي الله عنه – وجاء الوحي – وكان إذا جاء لم يخف علينا : فليس أحد من الناس يرفع طرفه إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى يقضى
فلما قضي الوحي ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : «يا معشر الأنصار” قالوا :
لبيك يا رسول الله ، قال : «قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ، ورأفة في عشيرته” قالوا : قد قلنا ذلك يا رسول الله . قال : «فما أسمي إذن ؟ !! كلا ، إني عبد الله ورسوله ، هاجرت إلى الله وإليكم ، المحيا محياكم والممات مماتكم” فأقبلوا إليه يبكون ، يقولون : والله يا رسول الله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله . فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : «فإن الله ورسوله يعذرانكم ويصدقانكم” .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ مَكَّةَ وَدَخَلَهَا، قَامَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو (اللَّهَ)، وَقَدْ أَحْدَقَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ، فَقَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: أَتُرَوْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَرْضَهُ وَبَلَدَهُ يُقِيمُ بِهَا؟ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دُعَائِهِ قَالَ: مَاذَا قُلْتُمْ؟ قَالُوا: لَا شَيْءَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى أَخْبَرُوهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَعَاذَ اللَّهِ! الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ.
كلما اشتدت غربتك وآلمك بخس المعاني والعهود وأمانة الدين في زماننا .. استحضر أجمل عزاء في التاريخ والحاضر والمستقبل!
كان ذلك حين قال النبي ﷺ يوم حنين: “ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار”.
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: “رضينا برسول الله قسما وحظا”.
وكل من اختار رفقة النبي ﷺ فليصبر ويحتسب ويحسن الظن بربه جل جلاله!
اللهم رضينا برسول الله قسما وحظا!
اللهم صحبة نبيك ﷺ والسابقين الأولين.