نسبه وأيامه
هو سالم بن عُمَيْر بن ثابت بن النعمان بن أُمية بن امرىء القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف، وهو ابن عمّ خَوَّات بن جُبَيْر بن النعمان. وقيل في نسبه : سالم بن عُمَيْر بن كُلْفَة بن ثعلبة بن عمرو بن عوف الأنصاري العَوْفِي العَمْرِيالأَوْسِيّ.
وهو من مسلمي الأنصار الأولين فقد شهد بيعة العقبة، كما شهد بدرا وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والعَوْفِيّ، يعني أنه من بني عمرو بن عوف، والعَوْفِيّ، يعني أنه من بني عوف بن مالك بن الأوس فهو من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس .
وسالم هو أحد البكائين الذين جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخرج إلى (تبوك)، فقالوا: «إحْمِلنا»، وكانوا فقراء، فقال: «لا أجد ما أحملكم عليه، (فتولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون)، وهم سبعة: من بني عمرو بن عوف: سالم بن عمير، ومن بني واقف : هَرَمي بن عمرو، ومن بني حارثة عُلبة بن زيد، ومن بني مازن بن النجار أبو ليلى عبد الرحمن بن كعب ومن بني سلمة : عمرو بن عتبة، ومن بني زُرَيْق : سَلَمَة بن صَخْر، ومن بني سُلَيْم: عرباض بن سارية السلمي، وفي هؤلاء البكائين نزل قول الله : (ولا عَلَى الذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ: لا أجِدُ ما أَحْمِلَكُمْ عليه، تولوا وأعينُهُمْ تَفِيْضُ من الدَّمْعِ حَزَنَا أَلَا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) .
وقد قتل سالم أحد يهود بني قريظة في هذه الغزوة(٤)، وهي غزوة بني وتوفي سالم في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وله عقب.
سريته
لعل أبرز أعمال سالم قتله أبي عَفَك، أحد . عَفَك، أحد بني عمرو بن عوف، ثم من بني عُبَيْدَة\، وكان قد نَجَمَ نفاقه حيـن قـتـل رسـول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن سُوَيْد بن صامت، فقال:
لقد عشت دهراً وما إن أرى من الناس داراً ولا مَجْمَعَا
إِنْ أبر عهوداً وأوفى لمن يُعـــاقــد فيهم إذا مـــا دعــــا
من اولادِ قَيْلَةَ في جَمْعِهِم يَهُدُّ الجبال ولن يخضعا
فصدعهم راكب جاءهم حلال حرام لَشَــــي معـــا
فلو أن بالعز صدَّقْتُم أو المُلْكِ تابعتُم تُبعـــا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ لي بهذا الخبيث؟”. وكان أبو عفك شيخاً كبيراً بلغ عشرين ومائة سنة، حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان يحرض على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل في الإسلام، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى (بدر)، ورجع وقد انتصر على المشركين، حسده أبو عَفَك وبغى، وقال في هجائه وهجاء المسلمين شعرا.
وقال سالم : “عليّ نذر أن أقتل أبا عَفَك أو أموت دونه”.
وأمهل سالم، وطلب له غِرَّة، حتى كانت ليلة صائفة، فنام أبو عفك بالفناء في الصيف في بني عمرو بن عوف فأقبل سالم، فوضع السيف على كبده، حتى خش في الفراش.
وصاح أبو عفك، فسارع إليه ناس ممن هم على قوله، فأدخلوه منزله وقبروه، وقالوا : مَنْ قتله؟ والله لو نعلم مَنْ قتله لقتلناه به ! فقالت أمامة المُزَيْرِيَّة في ذلك:
تكَذِّبُ دينَ اللهِ والمرء أحمدا لعمر الذي أمْنَاكَ إِذْ بئس ما يُمْنِي
حَبَاكَ حَنِيْفٌ آخِرُ الليل طعنةً أبا عَفَكَ خُذْهَا عَلى كِبَرَ السِّنُ
فإني وإن أعلم بقاتلك الذي أبَاتَكَ حِلْسَ اللَّيْلِ إِنْسي أو جنِّي
وكان قتل أبي عفك في شوّال على رأس عشرين شهراً من الهجرة، من السنة الثانية الهجرية.
الإنسان والقائد
لا تفصيلات وافية عن سالم، فلا نعرف عن أيامه الأولى في الجاهلية وقبل الإسلام، ولا عن سماته بشراً كسائر البشر.ولا نعرف شيئاً عن جهاده في أيام الفتح الإسلامي العظيم، إذ ليسمن المعقول أن يتخلف عن الجهاد. وحسبنا أن نعرف أنه نال شرف الصُّحبة وشرف الجهاد تحت لواء الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام.
أما قيادته، فإنّ إيمانه الراسخ دفعه أن يتطوّع لقتل أحد أعداء الإسلام والمسلمين، فنجح في مهمته، ولقن غير أبي عَفَك الذي قتله درساً قاسياً لا ينسونه أبداً. فهو مجاهد فدائي من المغاوير، حمله على قتل أبي عفك غيرته على عقيدته.
سالم في التاريخ
يذكر التاريخ لسالم أنه كان من المسلمين الأولين من الأنصار، أسلم في بيعة العقبة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة .ويذكر له، أنه شهد المشاهد كلها تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسها غزوة (بَدْر) الكبرى.
ويذكر له، أنه قتل أخته، لأنها قالت في النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يرضاه ولا يرضاه المسلمون الصادقون .ويذكر له، أنه قتل أبا عَفَك أحد أعداء الإسلام والمسلمين، فأعز بقتله الإسلام والمسلمين.
ويذكر له، أنه كان أحد البكائين، الذين نزل في أمرهم قرآن يتلى، مثالاً للإخلاص للعقيدة في أسمى مظاهر الإخلاص.
رضي الله عن الصحابي الجليل المجاهد الصادق، سالم بن عُمير العَمْرِي الأوسي الأنصاري.
(من كتاب قادة النبي صلى الله عليه وسلم)