أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي بن جَعْفَرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابن إسحاق، قال:
وكانت آمنة بنت وهب تحدث أنها أتيت حين حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها: إنك حملت بسيد هذه الأمة، فسميه محمدا.. فلما وضعته أرسلت إلى جده عبد المطلب تقول: قد ولد لك الليلة ولد فانظر إليه، فلما جاءها أخبرته بالذي رأت.
وكان أبوه عبد الله قد توفى وأمه حامل به، وقيل: توفي وللنّبيّ صلّى الله عليه وسلم ثمانية وعشرون شهرا.
وورث النبي صلّى الله عليه وسلم من أبيه أم أيمن وخمسة أجمال وقطيع غنم، وسيفا مأثورا وورقا، وكانت أم أيمن تحضنه.
قال ابن إسحاق:
قالت حليمة: “فلم نزل يرينا الله البركة ونتعرفها تعني برسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى بلغ سنتين، فقدمنا به على أمه ونحن أضن شيء به مما رأينا فيه من البركة فلما رأته قلنا لها: دعينا نرجع به هذه السنة الأخرى فإنا نخشى عليه وباء مكة، فسرحته معنا، فأقمنا به شهرين أو ثلاثة فبينا هو خلف بيوتنا مع أخ له إذ جاء أخوه يشتد، فقال: أخي القرشي قد جاء رجلان فأضجعاه وشقا بطنه، فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه، فنجده قائما ممتقعا لونه، فاعتنقه أبوه وقال: أي بني، ما شأنك؟ فقال:
جاءني رجلان عليهما ثياب بياض فشقا بطني فاستخرجا منه شيئا ثم رداه فقال أبوه: لقد خشيت أن يكون قد أصيب، فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف، قالت: فاحتملناه فقالت أمه: ما ردكما به فقد كنتما عليه حريصين؟ فقلنا: إن الله قد أدى عنا وقضينا الّذي علينا، وإنا نخشى عليه الأحداث، فقالت: أصدقاني شأنكما، فأخبرناها خبره، فقالت: أخشيتما عليه الشيطان؟ كلا، والله إني رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاءت له قصور الشام، فدعاه عنكما» .
وأرضعته أيضا ثويبة مولاة أبي لهب أياما قبل حليمة بلبن ابن لها يقال له مسروح، وأرضعت قبله حمزة عمه، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد، ولما هاجر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يبعث إلى ثوبية بصلة وكسوة حتى توفيت منصرفه من خيبر سنة سبع، فسأل عن ابنها مسروح فقيل: توفي قبلها، فقال: هل ترك من قرابة؟ فقيل: لم يبق له أحد.
ابن الأثير، أسد الغابة.