” في مَناقِب إبن الزُبير “
كانَ عَبدُ اللّٰـه بِنْ الزُبير – رَحمهُ اللّٰـه – شُجاعَاً فَارِسَاً مِن فُرسان قُرَيش، قَالَ فيهِ عُثمَان بِنْ طَلحة :
« كَانَ إبنُ الزُبير لا يُنازَعُ في ثلاثة : لا شَجاعَة، وَلا عِبادَة، وَلا بَلاغَة.»
وَقَد تأثَّر بشجاعَتهِ بأبيهِ وَجده الصِّدِّيق، وَأخوالهُ وَعلى رأسهم عَبد الرَحمن بِنْ أبي بَكر،
وَقَد أُعجِبَ أمير المُؤمنين عُمَر بِنْ الخطَاب – رضيَّ اللَّهُ عنهُ – بشجاعَتهِ حِينَما مَرَّ في طَريقٍ كانَ إبنُ الزُبير يَلعَبُ فيهِ مَع الصِبيان، فَفرُّوا وَوَقفَ إبن الزُبير مَكانهُ، فَقالَ لهُ عُمَر :
«مَالكَ لَم تَفرَّ مَعهم؟»
- فأجابَ :
« لَم أجرِمْ فأخافَكَ، وَلَم تَكن الطَريق ضيِّقَة فأُوسِّعَ لَكَ.»
واشتهرَ إبن الزُبير بالفَصاحَة، وَكانَ إذا خَطبَ يُشبَّـهُ بِجدَّهُ أبي بَكر – رَضيَّ اللّٰـهُ عَنهُ – وَيُروى أن المُسلمين حِينَما انتصروا على البَربر وَقتلوا منهم خلقَاً كَثيراً بَعثَ إبنُ أبي السَرح مَع عبد اللّٰـه بِنْ الزُبير بِشارَة إلى عُثمَان بِنْ عفَّان – رَضيَّ اللّٰـهُ عَنهُ – فَقصَّ إبن الزُبير على عُثمَان الخَبر فَقال عُثمَان :
«إن استَطعتَ أن تُؤدي هَذا للنَّاسِ فَوقَ المنبر!»
فصعدَ إبن الزُبير فَوقَ المنبر وَخَطبَ بالنَّاس،
يَقول إبن الزُّبير بَعدَ ذلكَ :
« فالتفتُ فإذا أبي “الزُبير” في جُملَةِ مَن حَضر، فَلمَّا تَبيّنتُ وَجههُ كَادَ يرتجُّ عليَّ في الكَلام مِن هَيبتهِ في قَلبي، فلمَّا نَزلتُ قَال :
وَاللّٰـهِ لكأنِّي أسمَعُ خُطبَة أبي بَكرٍ الصِّدِّيق حِينَ سَمعتُ خُطبتكَ يا بُنيّ!»
- وَقد كانَ كَريمَاً، خِلافَ مَا قِيلَ عَنهُ.
-تاريخ العرب.
