ثبات في الشدائد

عن ثبات كعب بن مالك رضي الله عنه أمام المطامع الدنيوية والإغراءات! فحديثه قد سارت به الركبان ، ولنستمع إليه رضي الله عنه يحدث عن ذلك حين تخلف عن غزوة تبوك فيقول: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة من بين من تخلف عنه .
قال : فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ، فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ، ولا يكلمنى أحد ، وآتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ؟ ثم أصلى قريبا منه وأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي ، وإذا التفت نحوه أعرض عني ، حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة – وهو ابن عمي وأحب الناس إلي – فسلمت عليه ، فو الله ما رد علي السلام .
فقلت له : يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمن أني أحب الله ورسوله ؟
قال : فسكت .
فعدت فناشدته .
فسكت .
فعدت فناشدته .
فقال : الله ورسوله أعلم ، ففاضت عيناي ، وتوليت حتى تسورت الجدار ، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدل على كعب بن مالك ؟
قال : فطفق الناس يشيرون له إلي ، حتى جاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان ، وكنت كاتبا فقرأته ، فإذا فيه : أما بعد ، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسك .
قال : فقلت حين قرأتها : وهذه أيضا من البلاء فتياممت بها التنور ، فسجرته بها .

-رواه البخاري ومسلم.

شارك هذا المقال:

مقالات مشابهة