في المروي عن عروة بن الزبير أنه قال: كان أهل الشام يقاتلون عبدالله بن الزبير، ويصيحون به: يابن ذات النطاقين!
فقال ابن الزبير:
وتلك شَكَاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها!
فقالت أمه أسماء بنت الصديق:
عيّروك به؟
قال: نعم.
قالت: فهو والله حق.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: اشتكى ابنٌ لأبي طلحة، قال: فمات، وأبو طلحة خارج، فلما رأت امرأتُه أنه قد مات، هيَّأت شيئًا، ونحته في جانب البيت، فلما جاء أبو طلحة، قال: كيف الغلام؟ قالت: قد هدأتْ نفسُه، وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أبو طلحة أنها صادقة، قال: فبات، فلمـا أصبح اغتسل، فلما أراد أن يخرج أعلمَتْه أنه قد مات، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما كان منهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما))، قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن.
رواه البخاريّ
أرسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قبل القادسية ربعي بن عامر رسولًا إلى رستم قائد الجيوش الفارسية وأميرهم، فدخل عليه، وقد زيَّنوا مجلسه بالنمارق، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت، واللآلئ الثمينة العظيمة، وعليه تاج وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي رضي الله عنه بثياب صفيقة، وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل عليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه، فقالوا له: ضع سلاحك، قال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت؛ فقال رستم: آذنوا له، فأقبل يتوكَّأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها، فقالوا: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومـن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
تاريخ الطبريّ
كان أسيد بن حضير رضي الله عنهما رجلًا صالحًا ضاحكًا مليحـًا، فبينما هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحدِّث القوم، ويُضحكهم، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خاصرته، فقال: أوجعتني، قال: ((اقتص))، قال: يا رسول الله، إن عليك قميصًا، ولم يكن علي قميص، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه، فاحتضنه، ثم جعل يقبل كشحه [الخصر: وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي]، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أردت هذا.
رواه الحاكم في المُستدرك
عن أنس رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لفلان نخلةً، وأنا أقيم حائطي بها، فأْمُرْه أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعطها إيَّاه بنخلة في الجنة))، فأبى، فأتاه أبو الدَّحْداح، فقال: بعني نخلتك بحائطي، ففعل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني قد ابتعتُ النخلة بحائطي، قال: فاجعلها له، فقد أعطيتكها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كم من عِذْقٍ رَداحٍ لأبي الدَّحْداح في الجنة))؛ قالها مرارًا قال: فأتى امرأته، فقال: يا أمَّ الدحداح، اخرُجي من الحائط، فإني قد بعتُه بنخلة في الجنة. فقالت: ربِح البيع، أو كلمةً تُشبهها.
المُسند
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يطلُع عليكم الآنَ رجلٌ من أهل الجنة))، فطلع رجل من الأنصار، تَنْطِفُ لحيتُه من وضوئه، قد تعلَّـقَ نعليه في يده الشمال، فلمَّا كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلـع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضًا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تَبِعَه عبدالله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحَيْتُ أبي، فأقسمت ألَّا أدخلَ عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تُؤْويني إليك حتى تمضي، فعلتُ، قال: نعم، قال أنس: وكان عبدالله يحدث: أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئًا، غير أنه إذا تعارَّ وتقلَّبَ على فراشه، ذكر الله عز وجل، وكبَّرَ حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلَّا خيرًا، فلما مَضَتِ الثلاثُ ليالٍ، وكِدْتُ أن أحقِرَ عملَه، قلت: يا عبدالله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثَمَّ؛ ولكن سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مِرار: ((يطلُع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة))، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردْتُ أن آوي إليك؛ لأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرَكَ تعمل كثيرَ عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، قال: فلما ولَّيْتُ دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غِشًّا، ولا أحسُدُ أحدًا على خير أعطاه الله إيَّاه، فقال عبدالله: هذه التي بَلَغَتْ بك، وهي التي لا نُطِيق.
المُسند
عن أبي غالبٍ ، مَوْلَى خالد بن عبد اللَّه القرشيِّ قال : كان ابْنُ عُمَرَ يَنْزِلُ علينا بِمَكَّةَ ، وكان يَتَهَجَّدُ مِنَ اللَّيْلِ فقال لي ذاتَ لَيْلَةٍ قَبْلَ الصُّبْحِ :
يا أَبا غالِبٍ ، أَلاَ تَقُومُ تُصَلِّي ولو تَقْرَأُ بِثُلُثِ القرآن ؟
فقلتُ : يا أبا عبدالرحمن قَدْ دَنا الصُّبْحُ فكيف أَقرأُ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ ؟
قال : إِنَّ سُورَةَ الإِخْلاَصِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن
(عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ١٠٦٢)
قال الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه :
إياكم والملاعن
أن يطرح أحدكم الأذى على الطريق .
فيمر به الرجل : فيقول : اللهم العن صاحب هذا
[ هناد بن السري في الزهد ١٠٨٠ ]
قال سليم بن عامر : خرجنا في جنازة في باب دمشق ، ومعنا أبو أمامة ، فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها ، قال أبو أمامة ( رضي الله عنه ) :
« يا أيها الناس ، أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر ، وهو هذا ، فيشير إلى القبر ، بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق ، إلا ما وسع الله ، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حين يغشى الناس أمر من أمر الله ، فتبيض وجوه ، وتسود وجوه ، ثم تنتقلون إلى منزل ، فتغشى الناس ظلمة شديدة ، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق ، فلا يعطيان شيئا من النور ، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه : ( أو كظلمات في بحر لجي ) إلى قوله : ( فما له من نور ) فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن ، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير ، فيقول المنافقون للذين آمنوا : ( انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا ) وهي خدعة الله التي يخدع المنافقين ،
قال الله تبارك وتعالى : ( يخادعون الله وهو خادعهم ) ، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور ، فلا يجدون شيئا ، فينصرفون إليهم وقد ( ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم ) نصلي صلاتكم ، ونغزو مغازيكم ؟
( قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني ) إلى قوله : ( وبئس المصير ) »
ويقول سليم : « فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ، ويميز الله بين المؤمن والمنافق »
[ابن المبارك في الزهد ١٩٨٢]
حينما بُترت ساق عروة بن الزبير وفي نفس الوقت مات ابنه محمد الذي هو أحب أولاده إليه، وعندما اجتمعت عليه مُصيبتان في وقتٍ واحد جاء الناس يُعزونه
فما قال إلا:- ”الحمد لله كانوا سبعةً أولاد فأخذتَ منهم واحدًا وأبقيتَ ستة، فلك الحمد، وكان لي أطرافٌ أربعة فأخذتَ واحدًا وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد، ولئن كنتَ أخذتَ فقد أبقيتَ، وإن كنتَ قد ابتليتَ فلطالما عافيتَ فلك الحمد على ما أخذتَ ولك الحمد على ما عافيت”.
رضي اللّٰه عن عروة بن الزُّبير.
قال أبو بكر الصديق في وصيته لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما حين استخلفه :
” إنَّ أوَّل ما أحذِّرُكَ نفسك التي بين جنبيك .. “
رضي الله عن الصدّيق.
قال عِكْرِمةُ: (سَبَّ رجُلٌ ابنَ عَبَّاسٍ، فلمَّا قضى مقالتَه قال: يا عِكْرِمةُ، انظُرْ هل للرَّجُلِ حاجةٌ فتقضيَها له؟ قال: فنكَّس الرَّجُلُ رأسَه استحياءً!)
ذكره محب الدين الطبري في ((ذخائر العقبى)) (ص: 234).
عن حُذيفةَ بنِ اليمانِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لأهلِ نَجرانَ: ((لأبعَثَنَّ إليكم رجُلًا أمينًا حَقَّ أمينٍ، فاستشرف لها أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبَعَث أبا عُبَيدةَ)) . أخرجه البخاري ومسلم.
قولُه: ((أمينًا حَقَّ أمينٍ))، أي: أمينًا حقيقةً.
((فاستشرَفَ لها أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم))، أي: تطلَّعوا للولايةِ ورَغِبوا فيها؛ حِرصًا على تحصيلِ الصِّفةِ المذكورةِ، وهي الأمانةُ، لا على الوِلايةِ من حيثُ هي. (فتح الباري)
مرَّ أبو الدَّرداءِ على رجُلٍ قد أصاب ذنبًا فكانوا يسُبُّونه، فقال: أرأيتُم لو وجَدتُموه في قَليبٍ، ألم تكونوا مُستخرِجيه؟ قالوا: بلى، قال: فلا تَسُبُّوا أخاكم، واحمَدوا اللهَ الذي عافاكم، قالوا: أفلا تُبغِضُه؟ قال: إنَّما أبغِضُ عَمَلَه، فإذا تركَه فهو أخي.
أخرجه أبو داود في الزهد (232)، وأبو نعيم في الحلية (1/225)، والبيهقي في شعب الإيمان (6691).
عن الحَسَنِ بنِ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (لمَّا احتُضِر أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: يا عائشةُ، انظُري اللِّقحةَ (أي: النَّاقةُ الحَلوبُ) التي كنا نشرَبُ من لبَنِها، والجَفنةَ (الجَفنةُ: القَصعةُ، وقيل: هي أعظَمُ ما يكونُ من القِصاعِ) التي كنَّا نَصطَبِحُ فيها، (اصطَبَح الرَّجُلُ: شَرِب صَبوحًا) والقطيفةَ التي كنَّا نلبَسُها، فإنَّا كنَّا ننتَفِعُ بذلك حين كنَّا في أمرِ المُسلِمين، فإذا مِتُّ فاردُديه إلى عُمَرَ، فلمَّا مات أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أرسَلَت به إلى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، فقال عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه: رَضِيَ اللهُ عنك يا أبا بكرٍ، لقد أتعَبْتَ من جاء بَعدَك!)
رواه الطبراني (1/60) (38). وثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/234).
عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (إنَّه لا أجِدُه يحِلُّ لي أن آكُلَ من مالِكم هذا إلَّا كما كنُت آكُلُ من صُلبِ مالي: الخُبزُ والزَّيتُ، والخُبزُ والسَّمنُ، قال: فكان ربَّما يؤتى بالجَفنةِ قد صُنِعَت بالزَّيتِ، وممَّا يليه منها سَمنٌ، فيعتَذِرُ إلى القومِ، ويقولُ: إني رجلٌ عربيٌّ، ولستُ أستمري الزَّيتَ!)
رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الورع)) (190).
كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول في خطبته:
أيها الناس، إنكم لم تُخلقوا عَبثاً، ولم تُتركوا سُدى، وإن لكم معاداً يجمعكم الله عز وجل فيه للحكم فيكم، والفصل بينكم، فخاب وشقي عبد أخرجه الله عز وجل من رحمته التي وسعت كل شيء، وجنته التي عرضها السموات والأرض.
الوابل الصيب (1/ 36)
وهذا عمر بن الخطاب قرأ سورة الطور إلى أن بلغ: (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِن دافِعٍ) [الطور: ٧-٨] فبكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه.
الجواب الكافي (ص: 40)
هذا أبو أيُّوبَ خالِدُ بنُ زيدٍ قالت له امرأتُه أمُّ أيُّوبَ: يا أبا أيُّوبَ، ألا تسمَعُ ما يقولُ النَّاسُ في عائشةَ؟ قال: بلى، وذلك الكَذِبُ. أكنتِ أنتِ يا أمَّ أيُّوبَ فاعِلةً ذلك؟ قالت: لا واللهِ ما كنتُ لأفعَلَه! قال: فعائشةُ واللهِ خيرٌ منك .
(وهكذا المُؤمِنون الأطهارُ الأخيارُ، يبنون أمورَهم على حُسْنِ الظَّنِّ بالنَّاسِ)
في قصَّةِ الثَّلاثةِ الذين تخلَّفوا عن غزوةِ تَبوكَ، قال كَعبُ بنُ مالكٍ: ((…ولم يذكُرْني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى بَلغَ تَبوكَ، فقال وهو جالسٌ في القَومِ بتَبوكَ: ما فعل كَعبٌ؟! فقال رَجُلٌ مِن بَني سَلِمةَ: يا رَسولَ اللهِ، حَبَسه بُرداه، ونَظَرُه في عِطفِه! فقال معاذُ بنُ جَبَلٍ: بئسَ ما قُلتَ! واللهِ يا رَسولَ اللهِ ما عَلِمْنا عليه إلَّا خَيرًا!))
مشهد من حياة الصحابة رضي الله عنهم
“كان عمر بن الخطاب يحب ابن عبَّاس حبًّا شديدًا، ويلاعبه أحيانًا، فكانا يتغاطسان في الماء وهما محرِمَين أيهما يبقى في الماء أطول، وكان الفارق بينهما 38 سنة تقريبا”.
(المحلى لابن حزم 279/7)