مواساةُ الأنصارِ للمُهاجِرينَ
عن أنَسِ بنِ مالك رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((لمَّا قدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ أتاه المُهاجِرونَ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، ما رأينا قومًا أبذَلَ مِن كثيرٍ ولا أحسَنَ مُواساةً مِن قليلٍ مِن قومٍ نزَلْنا بَينَ أظهُرِهم! لقد كفَوْنا المُؤنةَ، وأشرَكونا في المَهنَأِ حتَّى خِفْنا أن يذهَبوا بالأجرِ كلِّه! فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا، ما دعَوتُم اللهَ لهم، وأثنَيتُم بالأجرِ عليهم))
أخرجه الترمذي (2487) وأحمد (13075). قال الترمذي: صحيحٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ، وقال ابنُ كثير في البداية والنهاية (3/227): (على شرطِ الشَّيخينِ)
مواساةُ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه للمُسلِمين في عامِ الرَّمادةِ
عن ابنِ شهابٍ أنَّ سالِمًا أخبره أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ أخبره: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قال عامَ الرَّمادةِ -وكانت سَنةً شديدةً مُلِمَّةً، بعدما اجتَهَد عمَرُ في إمدادِ الأعرابِ بالإبلِ والقَمحِ والزَّيتِ من الأريافِ كُلِّها، حتَّى بَلَحَت -بلَحَت: كلَّت وعَجَزت عن إعطاءِ المزيدِ.- الأريافُ كُلُّها ممَّا جَهَدَها ذلك- فقام عُمَرُ يدعو فقال: اللَّهُمَّ اجعَلْ رزقَهم على رؤوسِ الجبالِ، فاستجاب اللهُ له وللمُسلِمين، فقال حين نَزَل به الغيثُ: الحَمدُ للهِ، فواللهِ لو أنَّ اللهَ لم يُفرِجْها ما تركتُ بأهلِ بيتٍ من المُسلِمين لهم سَعةٌ إلَّا أدخَلْتُ معهم أعدادَهم من الفقراءِ، فلم يكُنِ اثنانِ يَهلِكان من الطَّعامِ على ما يُقيمُ واحِدًا!) . أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (562).
وقد كان أميرُ المُؤمِنين عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه لا يُشبِعُ بَطنَه عامَ الرَّمادةِ حتى ذهب الجَدبُ، وأتى الخِصبُ!
قال الشَّافعيُّ: بلغَني أنَّ رجلًا من العَرَبِ قال لعُمَرَ حينَ ترحَّل الأحياءُ عن المدينةِ: (لقد انجَلَت عنك وإنَّك لابنِ حُرَّةٍ!)، أي: واسيتَ النَّاسَ، وأنصَفْتَهم، وأحسَنْتَ إليهم .
مواساةُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه للعَجوزِ العمياءِ المُقعَدةِ
عن الأوزاعيِّ: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه خرَج في سوادِ اللَّيلِ فرآه طلحةُ، فذهب عُمَرُ فدخَل بيتًا، ثمَّ دخَل آخَرَ، فلمَّا أصبح طَلحةُ ذهَب إلى ذلك البيتِ، فإذا بعجوزٍ عمياءَ مُقعَدةٍ، فقال لها: ما بالُ هذا الرَّجُلِ يأتيك؟ قالت: إنَّه يتعاهَدُني منذُ كذا وكذا يأتيني بما يُصلِحُني، ويخرِجُ عني الأذى! فقال طلحةُ: ثَكِلَتْك أمُّك يا طَلحةُ! أعثَراتِ عُمَرَ تتبَعُ؟!)
أخرجه أبو نُعيم في «حلية الأولياء» (1/47).
مواساةُ الأنصاريِّ وامرأتِه
عن أبي هُرَيرةَ، قال: ((جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إني مجهودٌ، فأرسَلَ إلى بعضِ نسائِه، فقالت: والذي بعَثَك بالحَقِّ ما عندي إلَّا ماءٌ، ثمَّ أرسل إلى أخرى، فقالت مِثلَ ذلك، حتى قُلنَ كلُّهنَّ مِثلَ ذلك: لا، والذي بعَثَك بالحقِّ ما عندي إلَّا ماءٌ! فقال: من يُضيفُ هذا اللَّيلةَ رحمه اللهُ؟ فقام رجلٌ من الأنصارِ، فقال: أنا يا رسولَ اللهِ، فانطلق به إلى رَحلِه، فقال لامرأتِه: هل عندكِ شيءٌ؟ قالت: لا، إلَّا قوتَ صِبياني. قال: فعَلِّلِيهم بشيءٍ، فإذا دخَل ضيفُنا فأطفِئي السِّراجَ، وأريه أنَّا نأكُلُ، فإذا أهوى ليأكُلَ فقومي إلى السِّراجِ حتَّى تُطفئيه! قال: فقَعَدوا وأكلَ الضَّيفُ، فلمَّا أصبح غدا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: قد عَجِب اللهُ مِن صنيعِكما بضَيفِكما اللَّيلةَ!))
أخرجه البخاري (3798) ومسلم (2054) واللفظ له.