في حديثِ مَقتَلِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ جُملةٌ مِن النَّصائِحِ قالها عُمرُ رضِي اللهُ عنه، وفيه أنَّ عُمرَ (أُتِي بلَبنٍ فشرِبه، فخرَج مِن جُرحِه، فعلِموا أنَّه ميِّتٌ، فدخَلْنا عليه، وجاء النَّاسُ، فجعَلوا يُثنونَ عليه، وجاء رجُلٌ شابٌّ، فقال: أبشِرْ يا أميرَ المُؤمِنينَ ببُشرى اللهِ لك، مِن صُحبةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقَدَمٍ في الإسلامِ ما قد علِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فعدَلْتَ، ثُمَّ شهادةٌ،
قال: ودِدْتُ أنَّ ذلك كَفافٌ؛ لا عليَّ ولا لي! فلمَّا أدبَر إذا إزارُه يمَسُّ الأرضَ، قال: رُدُّوا عليَّ الغُلامَ،
قال: يا بنَ أخي، ارفَعْ ثوبَك؛ فإنَّه أبقى لثوبِك، وأتقى لربِّك…،
وقال: أُوصي الخليفةَ مِن بَعدي بالمُهاجِرينَ الأوَّلينَ، أن يعرِفَ لهم حقَّهم، ويحفَظَ لهم حُرمتَهم، وأوصيه بالأنصارِ خيرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الحشر: 9] أن يُقبَلَ مِن مُحسِنِهم، وأن يُعفى عن مُسيئِهم، وأوصيه بأهلِ الأمصارِ خيرًا؛ فإنَّهم رِدْءُ الإسلامِ، وجُباةُ المالِ، وغَيظُ العدُوِّ، وألَّا يُؤخَذَ منهم إلَّا فَضلُهم عن رِضاهم، وأوصيه بالأعرابِ خيرًا؛ فإنَّهم أصلُ العربِ، ومادَّةُ الإسلامِ، أن يُؤخَذَ مِن حواشي أموالِهم، ويُرَدَّ على فُقَرائِهم، وأوصيه بذمَّةِ اللهِ، وذمَّةِ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُوفَى لهم بعَهدِهم، وأن يُقاتَلَ مِن وَرائِهم، ولا يُكلَّفوا إلَّا طاقتَهم) أخرجه البخاري (3700).
من وصايا عمر رضي الله عنه
