أبو ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه صادِقُ اللَّهجةِ
كان أبو ذَرٍّ رَضِيَ الله عنه صادِقَ اللَّهجةِ ؛ فقد قال عنه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما أقلَّتِ الغَبراءُ ولا أظَلَّتِ الخَضراءُ من رجُلٍ أصدَقَ لهجةً من أبي ذَرٍّ))
رواه الترمذي (3801)، وابن ماجه (156) واللفظ له،
صدق كعب بن مالك رضي الله عنه
يذكر ابنُ القَيِّمِ رحمه الله الفوائدَ المستنبَطةَ من قصة كَعبُ بنُ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه والتخلف عن الجهاد، فقال: (ومنها عِظَمُ مِقدارُ الصِّدقِ، وتعليقُ سعادةِ الدُّنيا والآخرةِ والنَّجاةِ من شَرِّهما به، فما أنجى اللهُ من أنجاه إلَّا بالصِّدقِ، ولا أهلك من أهلكه إلَّا بالكَذِبِ، وقد أمرَ اللهُ سُبحانَه عبادَه المُؤمِنين أن يكونوا مع الصَّادقينَ، فقال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقينَ [التوبة: 119] وقد قسَّم سُبحانَه الخَلقَ إلى قِسمَين: سعداءَ، وأشقياءَ. فجعل السُّعداءَ هم أهلَ الصِّدقِ والتَّصديقِ، والأشقياءَ هم أهلَ الكَذِبِ والتَّكذيبِ، وهو تقسيمٌ حاصِرٌ مطَّرِدٌ منعَكِسٌ؛ فالسَّعادةُ دائرةٌ مع الصِّدقِ والتَّصديقِ، والشَّقاوةُ دائرةٌ مع الكَذِبِ والتَّكذيبِ. وأخبر سُبحانَه وتعالى أنَّه لا ينفَعُ العبادَ يومَ القيامةِ إلَّا صِدقُهم، وجعل عَلَمَ المُنافِقين الذي تميَّزوا به هو الكَذِبَ في أقوالِهم وأفعالِهم، فجميعُ ما نعاه عليهم أصلُه الكَذِبُ في القولِ والفعلِ، فالصِّدقُ بريدُ الإيمانِ، ودليلُه، ومركبُه، وسائقُه، وقائدُه، وحِليتُه، ولباسُه، بل هو لُبُّه ورُوحُه. والكَذِبُ بريدُ الكفرِ والنِّفاقِ، ودليلُه، ومركبُه، وسائقُه، وقائدُه، وحِليتُه، ولباسُه، ولُبُّه؛ فمُضادَّةُ الكَذِبِ للإيمانِ كمضادَّةِ الشِّركِ للتوحيدِ، فلا يجتَمِعُ الكَذِبُ والإيمانُ إلَّا ويَطرُدُ أحدُهما صاحِبَه، ويستقِرُّ مَوضِعَه، واللهُ سُبحانَه أنجى الثَّلاثةَ بصِدقِهم، وأهلك غيرَهم من المخلَّفين بكَذِبهم، فما أنعَم اللهُ على عبدٍ بعدَ الإسلامِ بنِعمةٍ أفضَلَ من الصِّدقِ الذي هو غذاءُ الإسلامِ وحياتُه، ولا ابتلاه ببليَّةٍ أعظَمَ من الكَذِبِ الذي هو مَرَضُ الإسلامِ وفسادُه)
(زاد المعاد) (3/480).
صِدقُ بِلالٍ رَضِيَ اللهُ عنه
وخطب بِلالٌ على أخيه امرأةً من بني حِسلٍ من قُرَيشٍ، وقال: (نحن من قد عرَفتُم، كُنَّا عبدَينِ فأعتَقَنا اللهُ، وكُنَّا ضالَّينِ فهدانا اللهُ، وفقيرينِ فأغنانا اللهُ، وأنا أخطُبُ على أخي خالدٍ فُلانةَ، فإن تَنكِحوه فالحمدُ للهِ، وإن تردُّوه فاللهُ أكبَرُ، فأقبَل بعضُهم على بعضٍ فقالوا: هو بلالٌ، وليس مِثلُه يُدفَعُ، فزوَّجوا أخاه. فلمَّا انصَرَفْنا قال خالِدٌ لبلالٍ: يغفِرُ اللهُ لك! ألَا ذكَرْتَ سوابِقَنا ومشاهِدَنا مع رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم! قال بلالٌ: مَهْ! صدَقْتَ فأنكَحَك الصِّدقُ!)
(الطبقات الكبير) لابن سعد (3/ 218)،