يقولُ ابنُ كثيرٍ وهو يَستعرِضُ غَزوةَ تَبوكَ: (وقد كان فيمَن شَهِد اليرموكَ: الزُّبَيرُ بنُ العوَّامِ، وهو أفضَلُ مَن هناك من الصَّحابةِ، وكان مِن فُرسانِ النَّاسِ وشِجْعانِهم، فاجتَمَع إليه جماعةٌ من الأبطالِ يومَئذٍ، فقالوا: ألا تحمِلُ فنَحمِلَ معك؟ فقال: إنَّكم لا تَثْبُتون، فقالوا: بلى! فحَمَل وحمَلوا، فلمَّا واجَهوا صُفوفَ الرُّومِ أحجَموا وأقدَمَ هو، فاختَرَق صفوفَ الرُّومِ حتَّى خرج من الجانِبِ الآخَرِ، وعاد إلى أصحابِه. ثمَّ جاؤوا إليه مرَّةً ثانيةً، ففعل كما فَعَل في الأُولى، وجُرِح يومَئذٍ جُرحَينِ بَينَ كَتِفَيه، وفي روايةٍ: جُرْحٌ) . (البداية والنهاية) (7/15)
وعن عُروةَ (أنَّ أصحابَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالوا للزُّبيرِ: ألَا تَشُدُّ فنَشُدَّ معك؟ قال: إنِّي إن شدَدْتُ كَذَبْتُم. فقالوا: لا نفعَلُ. فحمَلَ عليهم حتى شقَّ صفوفَهم، فجاوَزَهم وما معه أحَدٌ، ثمَّ رَجَع مقبلًا، فأخذوا بلِجامِه، فضَرَبوه ضربَتَيِن: ضربةً على عاتِقِه بينهما ضربةٌ ضُرِبَها يومَ بَدرٍ. قال عُروةُ: فكُنتُ أدخِلُ أصابعي في تلك الضَّرَباتِ ألعَبُ وأنا صغيرٌ! قال: وكان معه عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ، وهو ابنُ عَشرِ سِنينَ، فحَمَله على فَرَسٍ ووكَّل به رَجُلًا) أخرجه البخاري