استمر مرض أبي بكر مدة خمسة عشر يوماً، ثم توفي يوم الاثنين ليلة الثلاثاء في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة، وكانت سنه ثلاثاً وستين سنة.
وغسلته زوجه أسماء بنت عميس حسب وصيته، ودفن جانب رسول الله ﷺ ، وصلى عليه خليفته عمر بن الخطاب، ونزل في قبره عمر، وعثمان، وطلحة، وابنه عبد الرحمن.
وجاء علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، يوم وفاة أبي بكر فوقف بالباب وقال: رحمك الله يا أبا بكر، كنت والله أول القوم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأشدهم يقيناً، وأعظمهم غناء، وأحفظهم على رسول الله ﷺ، وأحدبهم على الإسلام، وأحناهم على أهله، وأشبههم برسول الله خلقاً، وخُلقاً، وهدياً، وسمتاً، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسول الله خيراً، صدقت رسول الله حين كذب الناس، وواسيته حين بخلوا، وقمت معه حين قعدوا وأسماك الله في كتابه صديقاً (والذي جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون) يريد محمداً ويريدك، وكنت والله للإسلام حصناً، وعلى الكافرين عذاباً، لم تقلل حجتك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك كنت كالجبل الذي لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف – كنت كما قال رسول الله ﷺ ضعيفاً في بدنك قوياً في أمر الله، متواضعاً في نفسك عظيماً عند الله، جليلاً في الأرض كبيراً عند المؤمنين، ولم يكن لأحد عندك مطمع ولا لأحد عندك هوادة، فالقوي عندك ضعيف حتى تأخذ الحق منه، والضعيف عندك قوي حتى تأخذ الحق له، فلا حرمنا الله أجرك ولا أضلنا بعدك.
***
وخير ما نختم به هذه السيرة العطرة هو القول بأنه إذا كانت الفتوحات الإسلامية في عهد الصديق تبدو ضيقة الرقعة إلا أننا يجب أن نضع في خلدنا الملاحظات التالية:
۱ – قصر مدة خلافة الصديق.
٢ – القضاء على حروب الردة التي شملت الجزيرة كلها.
– كانت المعارك التي جرت في عهد الصديق بين المسلمين من جهة والفرس والروم من جهة ثانية، قد دوخت أعداء الإسلام، وأظهرت قوة المسلمين وإمكاناتهم القتالية.
التاريخ الإسلامي | الخلفاء الراشدون – محمود شاكر
وفاة أبو بكر الصديق، رضي الله عنه:
