أسماؤه صلى الله عليه وسلم

وكلها أسماءُ نعوتٍ ليست أعلامًا محضةً لمجرَّد التعريف، بل أسماء مشتقَّة من صفات قامت به توجب له المدح والكمال.

فمنها: محمد، وهو أشهرها. وبه سُمِّي في التوراة صريحًا كما بينَّاه بالبرهان الواضح في كتاب «جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام». وهو كتابٌ فَرْدٌ في معناه لم نُسبَق إلى مثله في كثرة فوائده وغزارتها، بيَّنَّا فيه الأحاديث الواردة في الصلاة والسلام عليه، وصحيحَها من حسَنها ومعلولها، وبيَّنَّا ما في معلولها من العلل بيانًا شافيًا، ثم أسرارَ هذا الدعاء وشرفَه وما اشتمل عليه من الحكم والفوائد، ثم مواطنَ الصلاة عليه ومحالَّها، ثم الكلامَ في مقدار الواجب منها، واختلافَ أهل العلم فيه وترجيحَ الراجح وتزييفَ المزيَّف. ومَخْبَرُ الكتاب فوق وصفه.

والمقصود أن اسمه في التوراة محمد صريحًا بما يوافق عليه كلُّ عالم من مؤمني أهل الكتاب.

ومنها: أحمد، وهو الاسم الذي سمَّاه به المسيح.

ومنها: المتوكِّل.

ومنها: الماحي، والحاشر، والعاقب، والمقفِّي، ونبيُّ التوبة، ونبيُّ الرحمة، ونبيُّ الملحمة، والفاتح، والأمين.

ويلتحق بهذه الأسماء: الشاهد، والمبشِّر، والنذير، والقُثَم، والضحوك القتّال، وعبد الله، والسراج المنير، وسيد ولد آدم، وصاحب لواء الحمد، وصاحب المقام المحمود؛ وغير ذلك من الأسماء، لأن أسماءه إذا كانت أوصاف مدح فله من كلِّ وصفٍ اسم؛ لكن ينبغي أن يفرَّق بين الوصف المختصِّ به أو الغالب عليه فيُشتقّ له منه اسم، وبين الوصف المشترك فلا يكون له منه اسمٌ يخصُّه.

وقال جبير بن مطعم: سمَّى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماءً، فقال: «أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشَر الناسُ على قدمي، والعاقب الذي ليس بعده نبي».

وأسماؤه صلى الله عليه وسلم نوعان:

أحدهما: خاصٌّ به لا يشرَكه فيه غيرُه من الرسل، كمحمد، وأحمد، والحاشر، والعاقب، والمقفِّي، ونبي الملحمة.

والثاني: ما شرِكه في معناه غيره من الرسل ولكن له منه كماله، فهو مختصٌّ بكماله دون أصله كرسول الله، ونبيِّه، وعبده، والشاهد، والمبشِّر، والنذير، ونبي التوبة، ونبي الرحمة.

وأمَّا إن جُعل له من كلِّ وصفٍ من أوصافه اسمٌ تجاوزت أسماؤه المئين، كالصادق، المصدوق، الرؤوف، الرحيم، إلى أمثال ذلك. وفي هذا قال من قال من الناس: إنَّ لله ألفَ اسم، وللنبيِّ صلى الله عليه وسلم ألف اسم. قاله أبو الخطاب بن دِحْية، ومقصوده الأوصاف.

شارك هذا المقال:

مقالات مشابهة