﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ﴾ (التوبة: 25)
استثمار النصر
الموقف العام
1 – المسلمون
كان لفتح مكة أكبر الأثر في توحيد الجزيرة العربية كلها تحت ظل الإسلام ، كما كان له أثر معنوي عميق على المسلمين والمشركين . على حد سواء ، فأصبحت الجزيرة العربية قوة ذات عقيدة واحدة وهدف واحد ، ولم يبق على الشرك إلا بعض القبائل كقبيلتي هوازن وثقيف ؛ ومن الواضح أن قضية إسلام هذه القبائل أصبحت قضية وقت ليس إلا لإنهيار أكبر حصن الشرك : مكة ، ولانهيار أكبر عدو للإسلام : قريش !
2 – المشركون
سمعت هوازن وثقيف وبعض القبائل الأخرى بفتح مكة ، فقررت أن تقوم بغزو المسلمين قبل أن يقوم المسلمون بغزوهم ، وأخذت تتحشد في منطقة الطائف .
ولكن انتشار الإسلام في تلك القبائل ، جعل الكثيرين من أفرادها وفخوذها يتخلفون عن هذا التحشد ، إذ تخلفت كعب وكلاب أشجع هذه القبائل ، كما تخلفت قبائل أخرى ، كما تخلف رجال من ذوي العقول .
كان التردد ظاهراً على القبائل المحتشدة ، وكان الاختلاف واضحاً بينها ، ولم تكن معنوياتها عالية .
قوات الطرفين
1 – المسلمون
إثنا عشر ألفا بين راكب وراجل بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم : ألفان من اهل مكة وعشرة آلاف من المسلمين الذين حضروا الفتح .
2 – المشركون
قبيلة هوازن عدا كعب وكلاب ومعظم قبيلة ثقيف بقيادة مالك بن عوف من هوازن .
1 – المسلمون
أهداف الطرفين
ضرب القبائل المحتشدة قبل أن يستفعل أمرها وتهدد مكة نفسها بالسقوط في أيديها .
2 – المشركون
القضاء على قوات المسلمين وأخذ المبادأة منهم .
قبل المعركة
سمع الرسول ﷺ بأخبار تحشد هوازن وثقيف لمهاجمة المسلمين، فأرسل عبد الله الأسلمي وأمره أن يذهب إلى منطقة تحشد المشركين للتأكد من صحة تلك الأخبار .
وعاد عبد الله الأسلامي من واجبه ليخبر المسلمين بأن قبائل هوازن وثقيف قد أنجزت تحشدها في منطقة وادي أوطاس وأنها تنوي مهاجمة المسلمين . قرر الرسول ﷺ مهاجمة هذه القبائل ليحتفظ بالمبادأة بيد المسلمين ، وبدأ بانجاز الاستحضارات الضرورية للحركة .
وبلغ الرسول ﷺ أن عند صفوان بن أمية دروعاً وسلاحاً فاستعارها من صفوان ليكمل بها تسليح قواته ، وكان عددها مائة درع مع أسلحتها؛ ولما أنجز المسلمون استحضاراتهم تحر كوا باتجاه حنين ، وكانت المقدمة مؤلفة من سليم بقيادة خالد ابن الوليد وأمامها القطعات الراكبة من الفرسان، وكان القسم الأكبر مؤلفاً من القبائل الأخرى ، وأمام كل قبيلة رايتها ، وكانت الكتيبة الخضراء المؤلفة من المهاجرين والأنصار في مؤخرة القسم الأكبر ومعها الرسول ﷺ.
وصل جيش المسلمين فجراً إلى وادي حنين ، ذلك الجيش الذي قال المسلمون عنه : لن نغلب اليوم من قلة.
2 – المشركون
تحشدت هوازن وثقيف في وادي حنين ومعهم نساؤهم وأطفالهم وأموالهم ، وقد أراد مالك بن عوف قائدهم أن تكون الذراري والأموال مع المقاتلين، حتى يشعر كل رجل منهم وهو يقاتل أن حرمته وثروته وراءه فلا يفر عنها .
وقد اعترض دريد بن الصمة وهو فارس مجرب قائلا لمالك : و هل يرد المنهزم شيء ؟ أن كانت الدائرة لك لم ينفعك إلا رجل برمحه وسيفه ، وأن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ، . فكان جواب مالك : ( والله لا أفعل ذلك ، أنك قد كبرت وكبر علمك ، والله لتطيعنني يا معشر هوازن أو لا تكن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري .
اضطرت هو ازن إلى الأخذ برأي مالك ، وكان شاباً في الثلاثين من عمره قوي الإرادة ماضي العزيمة شجاعاً ، ولكنه سقيم الرأي متهور سيء المشورة .
كانت خطة مالك تتلخص باحتلال قمم وادي حنين ومضيق الوادي ، فإذا دخلت قوات المسلمين في الوادي ، باغتهم المشركون بالرمي عليهم بالنبال من كل جانب لتحطيم صفوفهم ثم القيام بالهجوم لإجبارهم على الانسحاب وأكمل المشركون احتلال هضاب الوادي ومضايقه قبل دخول المسلمين اليه
وكمنوا في مواضعهم المستورة انتظاراً لجيش المسلمين.
القتال
۱- هجوم المشركين
دخلت قوات المسلمين وادي حنين فجراً ، وكان وادياً أجوف منحدراً ينحط فيه الركبان كلما أو غلوا ، كأنهم يسيرون إلى هاوية ، فلما استقرت اكثر قوات المسلمين في الوادي ، وماهم المشركون بوابل من سهامهم ، فلم يعرف المسلمون مصدر ذلك الرمي ، لأن الظلام كان سائداً وقتذاك ، ولأن مواضع المشركين كانت مخفية تماماً ، فانسحبت مقدمة المسلمين وجرفت امامها قوات المسلمين الأخرى ، فانقلب انسحاب المسلمين الى هزيمة . ورأى أبو سفيان عزيمة المسلمين فقال : ” لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ” ..
وقال آخرون ممن أسلموا حديثاً مثل قوله ، بل ان شيبة بن عثمان بن طلحة الذي قتل أبوه في غزوة أحد ، حاول اغتيال الرسول ﷺ في هذا الموقف العصيب، ليدرك ثأر أبيه من النبي ﷺ .
وترك المشركون مواضعهم للقيام بالمطاردة بعد انسحاب المسلمين، وكان يتقدم هوازن رجل على جمل له احمر ، بيده راية سوداء في رأس رمح طويل ، وهو كلما ادرك المسلمين طعن برمحه ، وهوازن وثقيف منحدرون وراءه يطعنون . وانتشر الفزع بين المسلمين ، وازدحمت المسالك بالسابلة، وارتبكت الصفوف واختلطت القبائل ببعضها ، وركبت الإبل بعضها بعضاً وهي مولية بأصحابها ، وتعقدت الأمور …
2 – هجوم المسلمين المقابل
ثبت الرسول ﷺ في مكانه ، وثبت معه عشرة من أهل بيته ومن المهاجرين، بينهم عمه العباس ، وأخذ الرسول ﷺ ينادي الناس إذ يمرون به منهزمين : «أين أيها الناس ؟ أين … هلموا إلي . أنا رسول الله . أنا محمد بن عبد الله ، . فلا يرد عليه أحد!
عند ذاك أمر الرسول ﷺ عمه العباس – وكان جهير الصوت ـ أن ينادي : يا معشر الأنصار ، يا أصحاب البيعة يوم الحديبية . وكرر العباس النداء ، حتى تجاوبت اصداؤه في جنبات الوادي . وسمع النداء المهاجرون والأنصار . فأخذوا يكافحون ليبلغوا مصدر الصوت ، فرمی اكثرهم درعه وترك بعيره واستصحب معه سيفه وترسه فقط ، ليبلغ مصدر الصوت بسرعة .
اجتمع حول الرسول ﷺ نحو مائة مسلم وهم يصيحون: لبيك ، فاستقبل الرسول ﷺ المشركين ، وصمدوا في مواضعهم حتى فتر هجوم المشركين ، وكان النهار قد طلع والمشركون قد تركوا مواضعهم ، فلا يحتاج المسلمون إلا الى الصمود لإيقاع بعض الخسائر بالمشركين ، لكي تتزعزع معنوياتهم وينسحبوا من الميدان. ولولا صمود هذا العدد القليل من المسلمين ومشاغلتهم المشركين ، لكانت خسائر المسلمين في تلك المعركة كبيرة جداً .
وأخذ عدد المسلمين الصامدين يتزايد ، وهناك بدأوا الهجوم المقابل على المشركين ؛ وعندما رأت هوازن وثقيف أن المقاومة لا تجديهم : نفعاً، وأنهم يستطيعون صد هجوم المسلمين ، انسحبوا من ميدان المعركة تاركين وراءهم نساءهم وأبناءهم وأموالهم غنيمة للمسلمين. ولم يكن للمشركين سافة لحماية الانسحاب ، فانقلب انسحابهم الى هزيمة .
3 – المطاردة
انسحبت اكثر ثقيف باتجاه الطائف « وكان مالك بن عوف ، وانسحبت معهم هوازن والقبائل الاخرى باتجاه أوطاس ونخله.
وقام المسلمون بالمطاردة، وأعلن النبي ﷺ ان من قتل مشركا فله سلبه، ووصلت مطاردة المسلمين الى أوطاس ، فأوقعوا بهوازن هناك خسائر فادحة بالارواح ، كما وصلوا الى نخله فأوقعوا بالمنسحبين الى هناك خسائر فادحة أيضاً ، كما استسلم كثير من المشركين اسرى ، وعاد حديثو العهد بالإسلام من هزيمتهم ليروا الكثيرين من المشركين أسرى مصفدين بالأغلال .
حصار الطائف
وصل بعض المسلمين بمطاردتهم الى الطائف ، التي التجأ المنهزمون من المشركين اليها ، وكانت مدينة محصنة ذات أسوار وحصون قوية ولها ابواب
تغلق عليها .
وتجمعت ارتال المسلمين التي طاردت المنسحبين الى اوطاس ونخله – بعد إنجاز واجباتها – أرتال المسلمين الذي طارد ثقيقاً باتجاه الطائف لإجبار ثقيف على الاستسلام . إلا ان ثقيفاً سددت نبالها على المسلمين الذين كانوا قريبين من الحصون ، فأوقعوا فيهم بعض الخسائر ، فقرر الرسول ﷺ الانسحاب بعيداً عن مرمى النبل ، واستقر المسلمون هناك ففكر المسلمون في وسيلة يستطيعون بها اجبار الطائف على الاستسلام ، فأشار سلمان الفارسي بقذف حصونها بالمنجنيق وبمهاجمة تلك الحصون بالدبابات .
رمي المسلمون الطائف بالمنجنيق وتقرب بعضهم بحماية الدبابات الى سور الطائف ليخرقوه ، ولكن أهل الطائف استطاعوا احباط هذا الهجوم، إذا حموا قطعاً من الحديد بالنار ، حتى اذا انصهرت القوها على الدبابات الخشبية فحرقتها ؟ فانسحب المسلمون المحتمون بها من تحتها لئلا يحترقوا ، فرمتهم ثقيف بالنبل بعد انكشافهم من حماية الدبابات .
اعلن الرسول ﷺ انه سيعتق كل عبد يأتيه من الطائف ، ففر اليه حوالي عشرين من أهلها ، فعرف منهم ان المواد الغذائية كثيرة جداً لدى ثقيف ، لذلك اثر ان يرفع الحصار بعد ان استمر حوالي شهر واحد ، تاركاً امر استسلام ثقيف الى الزمن ، خاصة وان الكثيرين من رجالها اعتنقوا الاسلام …
خسائر الطرفين
1 – المسلمون
كانت خسائرهم كبيرة جداً بالارواح عند انهزامهم .
2 – المشركون
كانت خسائر المشركين بالارواح كبيرة جداً ، اما خسائرهم بالاموال
فكانت :
اربعة وعشرين الف بعير . اربعين الف شاة
اربعة آلاف أوقية من الفضة
ستة آلاف نسمة من السبي .
أسباب ترك الحصار
يمكن اجمال اسباب ترك المسلمين حصار الطائف بما يلي :
1- قوة حصون الطائف وشجاعة بني ثقيف وتكديس المواد الغذائية فيها كل ذلك جعل استسلامها للمسلمين صعباً يحتاج الى مدة طويلة .
2- أصبحت الفترة بين ترك المسلمين المدينة في رمضان حتى حصار الطائف والبقاء هناك حوالي شهر واحد ، أصبحت الفترة حوالي شهرين تقريباً ، وهذه المدة ليست قليلة بالنسبة للمسلمين الذين دخلوا الاسلام حديثاً ، مما جعل بعضهم يرغب في سرعة الرجوع، كما ان الوقت ثمين بالنسبة للرسول لتوطيد دعائم الإسلام .
3- قرب حلول الشهر الحرام ( ذي القعدة )
انتشار الاسلام في ثقيف مما جعل دخول ثقيف كلها في الإسلام أكيداً لا يحتاج إلا الى الوقت .
وقد تنظمت مقاومة المسلمين ضد ثقیف بعد اسلام مالك بن عوف ، حيث استعمله الرسول صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه ، فكان يقاتل بهم ثقيفاً لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه ، حتى ضيق عليهم الخناق ، فالتجأوا الى الرسول صلى الله عليه وسلم وأسلموا .
الغنائم
1- التكديس
بعد انتهاء معركة حنين ، كدس الرسول ﷺ كافة الغنائم في موضع الجعرانه ، حتى يتفرغ للمطاردة وحصار الطائف ، ثم يعود بعد ذلك الى توزيعها .
2 – التوزيع
بقيت الغنائم غير موزعة مدة طويلة ، لأن الرسول ﷺ كان ينتظر قدوم وفد من هوازن اليه تائبين ، ولكنه اضطر الى تقسيم الغنائم بعد ان بلغ انتظاره لهوازن حوالي شهر واحد ، دون أن يحضر اليه أحد ، خاصة وأن الاعراب وحديثي الاسلام أخذوا يلحون على الرسول ﷺ طالبين تقسيم الغنائم . وشرع بتقسيم الغنائم ، وبدأ بالمؤلفة قلوبهم ، فأعطاهم أوفى العطاء وأجزله أخذ أبو سفيان مائة من الإبل واربعين أوقية من الفضة ، فقال : وابني معاوية؟ فمنح مثلها لمعاوية . . فقال : وابني يزيد ؟ فمنح مثلها لابنه يزيد .
وأقبل رؤساء القبائل واصحاب الطمع يتسابقون الى ما يمكن أخذه ، وشاع أن محمداً صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، وأوجس الناس خيفة إن أفشى محمد صلى الله عليه وسلم هذه الأعطيات لمن يفدون عليه أن تنقص حصتهم من الغنائم ، فالحوا في أن يأخذ كل فيئه ، وأكب عليه الأعراب يقولون : يا رسول الله ، إقسم علينا فيثنا ، فقام الرسول إلى جنب بعير . فأخذ من سنامه وبرة ، فجعلها بين اصبعيه ، ثم رفعها ، فقال ﷺ: ( أيها الناس . مالي من فيئكم ولا هذه الوبرة . إلا الخمس والخمس مردود عليكم ).
وقد كان نصيب المؤلفة قلوبهم من هذه الغنائم أوفى نصيب ، اما المسلمون الأولون من المهاجرين والانصار ، فقد كان نصيبهم لا يذكر.
3 – إعادة السبي
بعد توزيع الغنائم أقبل وفد هوزان مسلماً ، وسألوا رسول الله أن يرد عليهم سبيهم وأموالهم ، فخيرهم الرسول ﷺ بين أبنائهم ونسائهم وبين أموالهم ، فاختاروا ابناءهم ونساءهم ، فقال الرسول ﷺ : «أما مالي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا أنا صليت الظهر فقوموا وقولوا: نحن نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله بعد أن تظهروا إسلامكم وتقولوا: نحن إخوانكم في الدّين فسأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم” فنفذت ذلك هوازن ؛ فأجابهم رسول الله ﷺ:” فما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم” قال المهاجرون : ما كان لنا فهو لرسول الله، وكذلك قال الأنصار,
ولكن الأقرع بن أبي حابس عن تميم وعيينة بن حصن عن فزاره، فقد رفضا، كما رفض عباس بن مرداس ، هنالك قال النبي ﷺ: « أما من تمسك منكم محقه من السبي فله بكل انسان ستة فرائض من أول سبي أصيبه . وهكذا رد المسلمون كافة السبايا الى هوازن .
دروس من حنين والطائف
1- المباغتة
أ- استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم في حصار الطائف المنجنيق والدبابة ، وبذلك استفاد من سلاح جديد في القتال . فما هو المنجنيق ، وما هي الدبابة ؟ يتألف المنجنيق بصورة عامة من عامود طويل قوي موضوع على عربة ذات عجلتين في رأسها حلقة أو بكرة ، يمر بها حبل متين ، في طرفه الاعلى شبكة في هيئة كيس . توضع حجارة او مواد محترقة في الشبكة ، ثم تحرك بواسطة العامود والحبل فيندفع ما وضع في الشبكة من القذائف ويسقط على الاسوار ، فيقتل أو يحرق ما يسقط عليه . أما الدبابة ، فعبارة عن آلة من الخشب الثخين المغلف بالجلود او اللبود ، تركب على عجلات مستديرة ، فهي عبارة عن قلعة متحركة يستطيع المشاة الاحتماء بها من نبال الأعداء . هذان السلاحان الجديدان باغت بهما الرسول ﷺ أعداءه في الطائف.
ولكن اهل الطائف استطاعوا ان يحرموا المسلمين من هذين السلاحين ، وذلك بأسلوب قذف الحديد المصهور على خشب الدبابات ، فاحترقت تلك الأخشاب واضطر المحتمون بها الى الفرار ، فأصبحوا بعد انكشافهم هدفاً مناسباً لرميهم بالسهام ، وبذلك أحبطت ثقيف محاولة المسلمين للإفادة من استعمال المنجنيق والدبابة استعمالاً مفيداً حاسما.
ب – أن اسلوب احتلال ثقيف وهو ازن لوادي حنين بشكل مخفي مستفيدين من الاراضي المستورة ، أدى إلى مباغتتهم للمسلمين مباغتة كاملة ولولا صمود الرسول ﷺ مع بعض أصحابه ، لاستطاع المشركون استثمار هذه المباغتة الممتازة الى أقصى الحدود .
2 – القيادة
أي كارثة كانت تحل بالمسلمين بعد هزيمتهم في اول معركة حنين، لو لم يكن الرسول ﷺ قائدهم وقت ذاك؟
لقد كان موقف المسلمين في هزيمتهم عصيباً للغاية : باغتهم العدو من مواضع مستورة في عماية الفجر ، وانهالت عليهم النبال من كل جانب ، فلما ارتدوا على ادبارهم طاردهم العدو في ميدان ضيق لا يتسع للتبعثر الذي يقلل من الخسائر في مثل هذا الموقف العصيب ، ثبت الرسول ﷺ مع عشرة من أصحابه – عشرة فقط ، واستطاع ان يجمع مائة من المسلمين ، ثم يحمي بهم انهزام المسلمين من مطاردة المشركين، ثم يقوم بالهجوم المقابل بعد فتور زخم هجوم المشركين، فلم بعد المنهزمون الا بعد فرار المشركين ، فوجدوا اسرى المشركين بالاغلال .
لم يكن موقف المسلمين حين انهزامهم سهلا، خاصة وان حديثي الاسلام كانوا اول المنهزمين ، بل المشجعين على الانهزام . ولم يكن الرسول ﷺ ينافح المشركين في موقفه هذا وحسب ، بل كان يكافح كثيراً من أعدائه المتظاهرين بالاسلام، وقد رأيت كيف حاول أحدهم اغتياله في عنف وان هذا الموقف العصيب .
ان نتيجة معركة حنين ، مثال رائع لأثر القائد الشخصي ، بل نستطيع أن
نقول : ان نتيجة معركة حنين قد كسبها الرسول ﷺ وحده.
اما قائد المشركين ، فعلى الرغم من شجاعته التي بلغت حد التهور ، الا أنه لم يكن قائداً بالمعنى الصحيح ، فلم يكن لاستصحاب الاموال والذراري مع المقاتلين أي معنى ، ولم يفكر بخطة غير خطة احتلال وادي حنين، اما بعد ذلك فقد ارتبك كل شيء في صفوف المشركين لانه لم يكن لديهم اية خطة للدفاع او للانسحاب ، حتى ان قائد المشركين لم يستطع تأمين ساقة لقواته تحمي انسحابها مما اوقع بقواته خسائر فادحة بالارواح .
3- المطاردة
قام المشركون بمطاردة المسلمين بعد انهزامهم في الصفحة الأولى من غزية حنين ، ولكن الصامدين من المسلمين وعلى رأسهم النبي ﷺ استطاعوا تحديد زخم مطاردة المشركين كما استطاعوا حماية انسحاب المسلمين بدون تدخل المشركين فيه ، فكان اول واجب الذين ثبتوا من المسلمين هو قيامهم بواجب الساقة لحماية الانسحاب ، وقد نجحت تلك الساقة نجاحاً ممتازاً ، اذ لولاها لكانت خسائر المسلمين كثيرة جداً خاصة وان انسحابهم يجري في منطقة ضيقة لا تساعد على التبعثر الذي يقلل من الخسائر.
.
ب – لم يؤمن المشركون ساقة الحماية قواتهم عندما تجمعت بعض قوات المسلمين وقامت عليهم بالهجوم المقابل الذي انهزم على اثره المشركون ، لذلك استطاع المسلمين ايقاع الخسائر الفادحة بالمشركين، كما استطاعوا جعل انسحابهم ينقلب الى هزيمة .
ج – وقد قام المسلمون بمطاردة مثالية استطاعوا بها القضاء على المشركين المتجهين الى اوطاس ونخلة ، بينما حمت اسوار وحصون الطائف رتل المشركين الثالث الذي اتجه الى الطائف ، وعند ذاك بدأ حصار الطائف بعد تجمع أرتال المسلمين هناك .
4- المعلومات
أ- أرسل المسلمون قبل حركتهم من مكة باتجاه حنين أحد رجالهم ليعرف حقيقة تحشد هوازن وثقيف ومواضع تحشدها وقوتها ونواياها ، فعاد الرجل بالمعلومات الكاملة كما أرسل المشركون دوريات استطلاع لمعرفة اتجاه حركة المسلمين والمواضع التي وصلوها وقوتهم ، وقد كانت فائدة هذه الدوريات المشركين كبيرة جداً ، أنجزوا احتلال وادي حنين بشكل ممتاز قبل وصول المسلمين إليهم، وباغتوا أرتال المسلمين حين دخولهم فيه ، ولولا دوريات استطلاعهم لما استطاعوا معرف المواضع التي وصلها المسلمون ، فبنوا خطتهم بالنسبة للمعلومات الصحيحة لكي يباغتوا المسلمين . لقد كان عمل دوريات استطلاع المشركين ممتازاً .
ب – إن واجب المقدمة المهم هو حماية القسم الأكبر والحصول على المعلومات عن العدو حتى لا تباغت قوات القسم الاكبر ولم تنجز مقدمة المسلمين هذا الواجب ابداً ، فهي لم تستطع معرفة مواضع المشركين التي احتلوها في وادي حنين ، واندفعت المقدمة إلى الأمام بسرعة على غير هدى وبصيرة ، واندفعت قوات المسلمين وراء تلك المقدمة لاعتقادها أن اندفاعها هذا امين وغير خطير . اذ لو كان هناك خطر لما اندفعت المقدمة أو لاستطاعت القضاء عليه.
ان من أهم اسباب هزيمة المسلمين في الصفحة الاولى من معركة حنين ، هو عدم قيام مقدمتهم بواجبها ، فلم تحصل على المعلومات عن مواضع العدو ، ولم تمنع مباغتة العدو للقسم الاكبر .
وبذلك فشلت مقدمة المسلمين يوم حنين في واجبها فشلاً ذريعاً ، على الرغم من أنها كانت بقيادة خالد بن الوليد .
5- المعنويات
أ ـ كانت معنويات المشركين ضعيفة من أول يوم بدأوا فيه بالتحشد ، فقد تخلفت أقوى وأشجع قبائلهم، كما تخليف اكثر رجالهم الممتازين بالعقول والاحلام . وقد اضطر مالك بن عوف قائد المشركين أن يستصحب النساء والاطفال والاموال مع المقاتلين حتى لا يفر” احد من القتال ، بل يكافح دفاعاً عن عرضه وأمواله إذا لم يدافع عن غرض آخر .
وظهر التردد في نفوس القبائل المحتشدة للقتال ، فاضطر مالك ان يهدد قواته بأن ينقذوا أوامره ويطيعوه أو يلجأ الى الانتحار.
ب – أما معنويات المسلمين فقد كانت عالية الى درجة الغرور ، حتى قالوا يوم حركتهم الى حنين : لن نغلب اليوم من قلة ، لكنهم غلبوا من كثرة مغرورة في الصفحة الاولى من يوم حنين ، ولولا ثبات الرسول ﷺ لقضي على معظم المسلمين يوم ذاك إن لم يقض عليهم جميعاً .
6 – العقيدة
أ- العقيدة القوية لها أكبر الأثر في النصر ، فهي توحد شعور الناس وتجعلهم يتعاطفون ويقاتلون لهدف معين معروف ، وقد انتصر المسلمون بعقيدتهم في كل معركة خاضوها ، تلك العقيدة التي جعلتهم يبذلون أرواحهم
وأموالهم رخيصة في سبيل الله … بعد فتح مكة أسلم كثير من رجال قريش ، فلما تحرك جيش المسلمين باتجاه حنين ، رافقه حوالي الفين من هؤلاء المسلمين الحديثي الايمان الذين لم يعرفوا من الاسلام الا اسمه ، اذ لم يمض على اسلامهم وقت كاف لتفهم تعاليم الاسلام .
رأى حديثو الاسلام في طريقهم مع جيش المسلمين نحو حنين شجرة عظيمة خضراء ، فتنادوا من جنبات الطريق : يا رسول الله ، إجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط .
وذات أنواط شجرة ضخمة يأتونها في الجاهلية كل سنة للتبرك بها فيعلقون أسلحتهم عليها ، ويذبحون عندها ويعكفون عليها يوماً ، ولم يفقه هؤلاء أن
جهاد الرسول ﷺ كله لغرض واحد : هو القضاء على الشرك وإعلاء كلمة التوحيد,
بل كان بعض هؤلاء يحملون أزلامهم معهم كما فعل أبو سفيان . لذلك فقد سرهم انهزام المسلمين ، بل أظهروا شماتتهم وشجعو اعليه .
ب – إن أسباب هزيمة المسلمين في الصفحة الأولى من يوم حنين ، هو وجود هؤلاء المسلمين من قريش الذين لم تطمئن قلوبهم للاسلام بعد ، فانهزموا أول المنهزمين وأشاعوا الذعر في النفوس وأثروا على المعنويات .
وليس هناك في الحرب أصعب من السيطرة على الانسحاب ، فعندما تنسحب قطعة من القطعات وتراها القوات الاخرى ، فان القوات كلها تنسحب معقبة تلك القطعة المنسحبة بدون تفكير ولا شعور . هذا ما حصل أول يوم حنين .
ج- إن انتصار المسلمين لم يكن لكثرتهم في أي معركة خاضوها ، بل كان انتصارهم لعقيدتهم الراسخة ، واكبر درس يمكننا استنتاجه من معركة حنين ، هو فشل المسلمين على كثرتهم في مستهل المعركة لوجود بعض ذوي
العقائد الواهنة بين صفوفهم ، بالإضافة إلى الأسباب الأخرى.
اما انتصار المسلمين في حنين بعد ذلك فكان بثبات ذوي العقائد الراسخة وقيامهم بالهجوم المقابل، فانتصروا على الرغم من قلتهم، فقد كانوا مائة رجل كما ذكرت بعض المصادر ولا يتجاوزون المئات كما نصت عليه بعض المصادر الأخرى.
هـ ان معارك المسلمين مع المشركين كانت معارك عقائد لا معارك عدد وتسليح. ولم يكن المشركين أي عقيدة واضحة يضحون في سبيلها بأرواحهم عن طيبة خاطر ، فاضطروا الى استصحاب أهليهم وأموالهم معهم ، حتى يدافعوا عنها عندما يعجزهم الدفاع عن شيء آخر . لقد رأيت ثبات الرسول ﷺ في أخطر موقف عصيب ، ولكن مالك بن عوف قائد المشركين آثر الفرار مع اول المنهزمين . وقصد الطائف وبقي محصوراً هناك ، فلما جاء وفد هوازن الى النبي ﷺ ، سألهم عن مالك ، فلما علم أنه ما زال في الطائف مع ثقيف طلب اليهم أن يبلغوه : أنه إن اتاه مسلماً ردّ عليه ماله وأهله واعطاه مائة من الإبل.
حينذاك لم يتردد مالك حين علم بهذا الوعد ، أن أسرج فرسه في سر من ثقيف وفر به الى الرسول ﷺ فأعلن إسلامه وأخذ ماله واهله ومائة من الإبل.
7- حرب الفروسية
مر الرسول ﷺ في طريقه بامرأة قتيل ، فقال من قتلها ؟ قالوا : قتلها خالد بن الوليد . فقال لبعض من معه : أدرك خالداً فقل له ، إن رسول الله ينهاك أن تقتل امرأة او وليداً غسيفاً (العسيف هو الأجير) . لم يكن قتل المرأة المشركة عمداً ، بل كان خطأ في اثناء انهزام المشركين وقيام المسلمين بمطاردتهم ، وفي مثل هذا الموقف تقع كثير من الاخطاء العسكرية ، لان الحالة النفسية المنهزمين وللقائمين بالمطاردة تكون غير طبيعية ، لذلك حدث مثل هذا الخطأ ، في قتل امرأة واحدة ، ومع ذلك فقد أراد الرسول ﷺ ان يؤكد اوامره السابقة في اجتناب قتل الضعفاء .
إن حرب المسلمين حرب فروسية ، تطلب النصر بوسائل شريفة ، وتعف
عن الظلم والعدوان.
8- القضايا الإدارية
أ – توزيع الغنائم
أولاً ـ سيطر العامل النفسي بالدرجة الاولى على توزيع الغنائم ، فقد اراد الرسول ﷺ ان يستميل قلوب رجالات قريش الذين اسلموا حديثاً ولما يدخل الايمان في قلوبهم ، كما اراد أن يستميل زعماء القبائل الاخرى ، لان كثيراً من الناس يقادون الى الحق من بطونهم لا من عقولهم .
وقد أغدق الرسول ﷺ العطاء على هؤلاء ، حتى أصبح محمد صلى الله عليه وسلم أحب الناس اليهم وأصبح الاسلام دينهم الوحيد . اما المسلمون الاولون ، فقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحرمهم من الغنائم ، لان إيمانهم أقوى من أن تؤثر عليه الماديات ؟ فلما عتب عليه بعض المسلمين الأولين اجابهم : إنني اعطي قوماً اخافهم هلعهم وجزعهم ، وأكل قوماً الى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى ، منهم عمرو بن ثعلب . قال عمر : ما أحب أن لي بكلمة رسول الله حمر النعم .
كان الانصار ممن وقعت عليهم مغارم هذه السياسة ، فقد حرموا جميعاً اعطيات حنين ، فلم يمنحوا شيئاً منها قط فقال قائلهم : لقى والله رسول الله قومه . فمشى سعد بن عبادة الى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله . ان هذا الحي من الانصار وجدوا عليك في انفسهم !
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: فيم ؟
قال سعد : فما كان من قسمة هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب ، ولم يكن فيهم من ذلك شيء .
قال الرسول ﷺ: فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ … قال : ما انا الا امرؤ
من قومي .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: اجمع لي قومك في هذه الحظيرة ، فاذا اجتمعوا فأعلمني .
فخرج سعد ، فجمعهم حتى اذا لم يبق من الانصار احد الا اجتمع له ، قال : يا
رسول الله . اجتمع لك هذا الحي من الانصار حيث أمرتني ان اجمعهم .
وقف الرسول ﷺ فيهم خطيباً : با معشر الانصار ، ألم آتيكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله ، فألف الله بين قلوبكم ؟
قالوا : بلى !
قال الرسول ﷺ : ألا تجيبون يا معشر الأنصار ! قالوا وما نقول يا رسول الله ،
وماذا نجيبك ؟؟ ألمن الله ولرسوله .
قال الرسول ﷺ : والله لو شئتم لقلتم وصدقتكم : جئننا طريداً فآويناك ،
وعائلا فآسيناك، وخائفاً فأمناك ، ومخذولاً فنصرناك ! ، أوجدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً اسلموا ، ووكلتكم الى ما قسم الله لكم من الاسلام ؟
افلا ترضون يامعشر الأنصار ان يذهب الناس الى رحالهم بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله الى رحالكم ، فوالذي نفسي بيده ، أو ان الناس سلكوا شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار ، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الانصار اللهم ارحم الانصار وأبناء الانصار وأبناء أبناء الانصار .
بكي القوم حتى بللوا لحاهم بالدموع، وقالوا رضينا الله ربا ، وبرسوله قسماً.
يقول خطاب شيت:”لقد حرص على ان انقل هذا الحديث كله كي ابرز بوضوح الحكمة التي ارادها الرسول ﷺ من توزيع اكثر الغنائم على المؤلفة قلوبهم، ولكي يظهر الاسلوب الرائع الذي كان يعالج به الرسول ﷺبعض المشاكل التي تعترضه ، وكيف يستطيع بهذه المعالجة الحكيمة التخلص من تلك المشاكل بأسلوب مقنع حكيم .
لقد كان كلامه خارجاً عن القلب ، لذلك فهو يؤثر في القلب.
ثانياً ـ وفي أسلوب جمع الغنائم من الناس والسيطرة عليها ووضعها في محل واحد مثال قيم للسيطرة على الغنائم العسكرية وعدم إفساح المجال لتبعثرها في الايدي دون مبرر.
جمعت الغنائم في موضع (الجعرانه) بين الطائف ومكة بعيداً عن المواضع الخطرة ، وتأمنت حراستها ، وسلم المسلمون كل غنيمة اصابوها الى المسؤول من جميع الغنائم ، حتى الإبرة والخيط.
جاء رجل من الانصار بكبة من خيوط شعر ، فقال : يارسول الله ، اخذت هذه الكبة اعمل بها برذعة بعير لي دبر . فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أما نصيبي منها فلك .
فأعادها الانصاري الى مثابة الغنائم . بل اعاد عقيل بن ابي طالب إبرة كانت معه الى مثابة غنائم المسلمين.
ان السيطرة على جمع الغنائم ضرورية جداً. وقد نصت التعاليم العسكرية الحديثة على ضرورة السيطرة على جمع الغنائم لئلا تذهب بدداً بين الاجناد ، ولكن لم تصل الدقة بتاتاً في اي وقت الى ما وصلت اليه الدقة والامانة التي وصل اليها المسلمون في جمع غنائمهم ..
ب – الخسائر
كانت خسائر المسلمين في الارواح كبيرة جداً عند انهزامهم في الصفحة الأولى من معركة حنين ، ولولا ثبات الرسول ﷺ مع عشرة من اصحابه ، لكانت خسائر المسلمين في الارواح اضعافاً مضاعفة لخسائرهم يومذاك .
وكانت خسائر المشركين بعد هزيمتهم كبيرة جداً، في الارواح والاموال ، خاصة وانهم لم يؤمنوا ساقة لحماية هزيمتهم .
والدرس المهم من هذا الموقف هو تأمين ساقة قوية للقطعات المنسحبة الحماية الانسحاب ، والا فسينقلب الانسحاب حتماً الى هزيمة ، وما أعظم كارثة الانسحاب الذي ينقلب الى هزيمة
ج- الإعاشة
كانت تدابير الاعاشة عند المسلمين جيدة ، كما كانت تدابير اعاشة المشركين جيدة ايضاً ، خاصة في حصار الطائف ، فقد كدست ثقيف مواد الاعاشة داخل الطائف ، بحيث تكفيها الحصار طويل ، لذلك كان من عوامل عودة المسلمين قبل استسلام الطائف ، هو اعتقادهم بأن ثقيفاً لن تستسلم لنقص ارزاقها.
د- النقلية
كانت النقلية متيسرة بكميات كافية لدى المسلمين والمشركين على حد سواء ويكفي ان تطلع على عدد الغنائم من الابل التي خلفها المشركون وراءهم لتعرف مقدار النقلية المتيسرة عند المشركين حينذاك .
ه- التسليح
كان تسليح المسلمين ممتازاً بالدروع والأسلحة الأخرى ، وبرز لنا في هذه الغزوة سلاحان جديدان استخدمها المسلمون هما : المنجنيق والدبابة . كما برز لنا أسلوب جديد في مكافحة الدبابة استخدمه المشركون، هو حرق الدبابة بالحديد المنصهر.

