﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾…
القرآن الكريم
المدينة قاعدة الإسلام الأمينة
تطهير المدينة وفرض الحصار الاقتصادي على قريش
الموقف العام
1 – المسلمون:
كان المسلمون قبل (بدر) يخشون مواطنيهم غير المسلمين من أهل المدينة، فلا تبلغ بهم الجرأة إلى الاعتداء على من يعتدي على مسلم منهم، فلما عادوا منتصرين، انقلب الموقف تماماً، فأصبح سلطانهم مهيباً في المدينة وما حولها.
أما في المدينة فقضوا على أكثر أعدائهم ( كأفراد )، كأبي عفك الذي كان يهجو المسلمين ويحرض قومه على الخروج عليهم، وكعصماء بنت مروان التي كانت تعيب الاسلام وتؤذي النبي وتحرض عليه، وكعب بن الأشرف الذي قال حين علم بمقتل سادات مكة: ( هؤلاء أشراف العرب وملوك الناس. والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها)، وهو الذي قصد مكة لما تيقن الخبر يحرض على محمد صلى الله عليه وسلم وينشد الأشعار ويبكي أصحاب القليب، فلما رجع إلى المدينة جعل يشبب بنساء المسلمين .
وسترى كيف قضوا على أعدائهم ( كجماعات)…
2- المشركون واليهود
أ) عزمت قريش على أخذ ثأرها من المسلمين مهما يكلفها الأمر من جهود وضحايا ومال، وفي سبيل ذلك أخذت تستعد لليوم الموعود .
ب ) عقدت أكثر القبائل التي على طريق مكة – الشام التجارية التي تتاخم الساحل معاهدات مع المسلمين، فسيطر المسلمون على هذه الطريق، فلا يمر أحد منها إلا بإذنهم.
ومع ذلك فقد بدأت بعض القبائل ترى ما يهدد مصيرها في قوة النبي وأصحابه، خاصة وأنها حرمت من فوائد اقتصادية كانت تجنيها من مرور تجارة قريش في رحلة الصيف إلى الشام، فأخذت تفكر في التعرض بالمسلمين .
ج) أما مشركو المدينة فقد أعلن أكثرهم إسلامهم، لأنهم رأوا أمر المسلمين ينمو ويشتد ويستقر .
د ) ولكن يهود المدينة ازدادوا حقداً على المسلمين، وأخذ بعضهم يجاهر بعدائه لهم وينقل أخبارهم للمشركين ويؤوي أعداءهم ويدلهم على عورات المسلمين. لذلك فقد أصبح بقاؤهم داخل المدينة خطراً محدقاً بالمسلمين .
الهدف الحيوي
1 – تطهير المدينة من اليهود، حتى تكون المدينة ( قاعدة أمينة ) الحركات المسلمين القادمة، فلا تنكشف حركاتهم للأعداء كما انكشفت في السابق، فيستطيعون بعد ذاك ترك المدينة بحراسة قليلة دون أن يتعرضوا لخطر كبير.
2- حرمان قريش من الاستفادة من الطرق التجارية التي تربط العراق من جهة والشام من جهة أخرى بمكة موطن قريش، للقضاء على أهم مورد لتجارة قريش بفرض هذا الحصار الاقتصادي عليها.
حصار بني قينقاع
1- أسباب الحصار
أ ) الأسباب غير المباشرة:
تجسس اليهود على المسلمين لصالح المشركين، ونقلهم كافة المعلومات عن نوايا المسلمين وحركاتهم إلى قريش، وإظهار عداواتهم بوضوح للمسلمين .
ب ) الأسباب المباشرة
تعرض اليهود بامرأة مسلمة تبيع حليتها في سوق بني قينقاع، فاستغاثت المرأة، فوثب أحد المسلمين على الصائغ اليهودي فقتله، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، ثم لجأ اليهود إلى حصونهم يحتمون بها.
2 – قوات الطرفين
أ) المسلمون: كافة مسلمي المدينة بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ب ) اليهود: كافة بني قينقاع الساكنين داخل المدينة .
الهدف
القضاء على بني قينقاع في المدينة ليستقر الأمر فيها للمسلمين ولتكون المدينة قاعدة أمينة للمسلمين يرتكزون عليها في الحركات المقبلة .
الحوادث
طلب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بني قينقاع أن يكفوا أذاهم عن المسلمين وأن يحفظوا عهد الموادعة لثلا ينزل بهم ما نزل بقريش، فاستخف بنو قينقاع بوعيده قائلين “لا يغرنك يا محمد أنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة إنا والله لمن حاربناك لتعلمن انا نحن الناس “.
لم يبق بعد هذا التحدي الصارخ أمام المسلمين إلا مقاتلة بني قينقاع، فحاصر وهم في قلاعهم خمسة عشر يوماً، حتى اضطروهم على التسليم ورضوا بما بصنعه الرسول صلى الله عليه وسلم في رقابهم ونسائهم وذريتهم وأموالهم، فجاء عبد الله بن أبي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: ” يا محمد أحسن في موالي، وكانوا حلفاء الخزرج، فأبطأ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فكرر ابن أبي مقالته، فأعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فأدخل ابن أبي يده في جيب درع الرسولصلى الله عليه وسلم ، فتغير لون النبي وقال صلى الله عليه وسلم له: (أرسلني ). وغضب حتى رأوا لوجههُ ظللاً .
ألح ابن أبي في رجائه قائلاً : والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي: أربعمائة حاسر (الذي لا درع له) وثلاثمائة دارع (لابس الدرع) قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة. إني والله امرؤ أخشى الدوائر.
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: هم لك على أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروننا بها .
وسار بني قينقاع تاركين وراءهم السلاح وأدوات الذهب الذي كانوا يصوغونه حتى بلغوا وادي القرى، وبقوا هناك زمناً ثم احتملوا ما معهم وساروا صوب الشمال حتى بلغوا (اذريعات) على حدود الشام وبها أقاموا، ولم يبقوا فيها طويلا حتى هلك أكثرهم، وبذلك تخلص المسلمون من ( الرتل الخامس ) الذي كان يعيش بين ظهرانيهم .
فرض الحصار الاقتصادي على قريش
1 – غزوة بني سليم
أ) قوات الطرفين
أولا – المسلمون
دورية قتال بقوة مائتي راكب وراجل بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً – المشركون
بنو سليم وغطفان
ب ) الهدف
القضاء على مقاومة سليم وغطفان في عقر دارهم في ( قرقرة الكدر) الواقعة على الطريق التجارية الحيوية بين مكة والشام .
ج ) الحوادث
بلغ المسلمين أن جمعاً من غطفان وبني سليم اعتزم الاعتداء عليهم، فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم وبإمرته مائتا راكب وراجل من المسلمين إلى – قرقرة الكدر – ليأخذ عليهم الطريق . فلما وصل إلى ذلك المكان رأى آثار النعم ولم يجد أحدا، اذ فرت جموع بني سليم وغطفان لما سمعت بقدوم المسلمين، فجمع المسلمون ما وجدوا من إبل، وقسمها عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتساوي، وبقي في منازل القوم ثلاثة أيام لإظهار قوتهم وعدم إكتراثهم بعدوهم ، ثم عادوا أدراجهم إلى المدينة.
2 – غزوة السويق
أ) قوات الطرفين
أولا – المسلمون
قوة مطاردة خفيفة بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثانياً – المشركون
مائتا فارس من قريش بقيادة أبي سفيان .
ب ) الهدف
مطاردة أبي سفيان للقضاء على قوته .
ج ) الحوادث
خرج أبو سفيان بمائتي فارس من مكة، وقرر أن يباغت المدينة بغارة خاطفة ليرد لقريش بعض سمعتها التي خسرتها يوم ( بدر ) ويلحق بالمسلمين ما يستطيع من الخسائر، وحتى يبر بنذره الذي قطعه على نفسه بعد بدر، ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمداً صلى الله عليه وسلم.
وصل أبو سفيان بقوته مساكن بني النضير بأطراف المدينة، في جنح الليل ونزل على سلام بن مشكم من سادة اليهود، فعرف منه أخبار المسلمين، وتدارس معه أجدى الطرق لإيقاع الأذى بهم والإفلات بعد ذلك سالماً من مطاردتهم، وهكذا هجم أبو سفيان برجاله على وحبة يقال لها – العريض – على مقربة من المدينة وحرقوا بيتين في العريض ونخلا، ووجدوا رجلا من الأنصار وحليفاً له في حرث لهما، فقتلوهما. ثم انكفأ أبو سفيان بقوته هارباً خائفاً أن يطلبه النبي وأصحابه.
ندب محمد أصلى الله عليه وسلم صحابه فخرجوا في أثره، حتى بلغوا – قرقرة الكدر – وأبو سفيان ومن معه جادون في الفرار يتزايد خوفهم فيتخففون من أرزاقهم التي يحملونها ، حتى تمكنوا من النجاة . وعثر المسلمون في طريق المطاردة على هذه الأرزاق وأكثرها من السويق فسموا هذه الغزوة ( بغزوة السويق )، ولما رأى محمد النبي صلى الله عليه وسلم إن القوم امعنوا في الفرار، عاد وأصحابه إلى المدينة.
3 – غزوة ذي أمر
أ) قوات الطرفين
أولا – المسلمون
أربعمائة وخمسون بين راكب وراجل بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً – المشركون
بنو ثعلبة ومحارب .
ب ) الهدف
القضاء على بني ثعلبة ومحارب قبل التعرض على أطراف المدينة .
ج ) الحوادث
بلغ محمداً صلى الله عليه وسلم أن جمعاً من بني ثعلبة ومحارب قد تجمعوا بذي أمر يريدون أن يتعرضوا بأطراف المدينة، فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم في أربعمائة وخمسين من المسلمين بين راكب وراجل، فلقي رجلا من ثعلبة، فسأله عن القوم فدله الرجل على مواضعهم. وأخبره أنهم سيهربون إلى رؤوس الجبال أن سمعوا بمسير المسلمين
وما لبث بنو ثعلبة ومحارب أن فروا إلى رؤوس الجبال عند سماعهم بمسير المسلمين وعاد المسلمون بعد أن بقوا في ديار القوم شهراً كاملاً بدون قتال .
4 – غزوة بحران
أ ) قوات الطرفين
أولا – المسلمون
ثلاثمائة مقاتل بين راكب وراجل بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً – المشركون
بنو سليم .
ب ) الهدف
القضاء على بني سليم قبل إنجاز استحضاراتهم القتال المسلمين .
ج ) الحوادث
بلغ محمداً صلى الله عليه وسلم أن جمعاً كبيراً من بني سليم يتهيئون لقتاله، فخرج بثلاثمائة رجل من المسلمين أغذوا السير ليباغتوا بني سليم في ديارهم، حتى إذا وصلوا دون بحران بليلة، لقيهم رجل من بني سليم، فسأله محمد صلى الله عليه وسلم عنهم فأخبره أنهم تفرقوا وعادوا أدراجهم حين سمعوا بخروجه إليهم .
وعاد الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى المدينة بعد أن بقي في ديار القوم حوالي شهرين.
5 – سرية زيد بن حارثة
1) قوات الطرفين
أولا – المسلمون
دورية قتال بقوة مائة راكب بقيادة زيد بن حارثة.
ثانياً – المشركون
قافلة تجارية لقريش بقيادة صفوان بن أمية .
ب ) الهدف
حرمان قريش من الاستفادة من طريق مكة – العراق التجارية بعد حرمانهم من الاستفادة من طريق مكة – الشام التجارية .
ج ) الحوادث
قطع الرسول صلى الله عليه وسلم على قريش طريق مكة – الشام التجارية، مما أثر أسوأ الأثر على اقتصاديات قريش ، خاصة وأن مكة تعيش على التجارة لأنها بواد غير ذي زرع .
قال صفوان بن أمية لقريش: ( إن محمداً وأصحابه قد عوروا علينا متجرنا، فما ندري كيف نصنع بأصحابه وهم لا يبرحون الساحل، وأهل الساحل قد وادعهم ودخل عامتهم معه ، فما ندري أين نسلك؟ وإن أقمنا في دارنا هذه أكلنا رؤوس أموالنا فلم يكن لها من بقاء، وإنما حياتنا بمكة على التجارة إلى الشام في الصيف وإلى الحبشة في الشتاء ).
قال له الأسود بن عبد المطلب: ( تنكتب الطريق على الساحل، وخذ طريق العراق)، ثم دله على فرات بن حيان من بني بكر بن وائل ليكون رائدهم في هذه الرحلة، وتجهز صفوان من الفضة والبضائع بما قيمته مائة ألف درهم، وكان بمكة حين تدبير قريش خروج تجارتها رجل من يثرب هو (نعيم بن مسعود) فقدم المدينة يحمل أنباء هذه القافلة وطريق مسيرها، واجتمع في مجلس الشرب – قبل تحريم الخمر – بسليط بن النعمان، فباح له بخبر القافلة، فأسرع سليط إلى النبي يروي له القصة، وما لبث النبي أن بعث زيد بن حارثة بمائة راكب يتعرضون القافلة ، فلقيها زيد عند ماء يقال له (القردة) وهو ماء من مياه نجد، ففر المشركون مذعورين، وأصاب المسلمون القافلة، وأسروا دليلها فرات ابن حيان، فلما جيء به إلى المدينة دخل الإسلام ..
وهكذا حرم المشركون من طريق مكة – العراق، كما حرموا من قبل من طريق مكة – الشام فأصبح الحصار الاقتصادي مطبقاً عليهم من كافة الطرق المؤدية الى الشام والعراق .
دروس من حركات التطهير
1 – القاعدة الأمينة
القاعدة الأمينة، هي المنطقة الحيوية التي يمكن الاعتماد عليها في كل حركة عسكرية لإدامة القطعات المحاربة بالرجال والمواد، ولتكون الملجأ الحصين الذين تلجأ اليه عند أسوء الاحتمالات.
ولا بد من وجود ( قاعدة أمينة) لكل حركة عسكرية ناجحة، لترتكز عليها القوات في كافة صفحات القتال .
ولا بد من وجود ( قاعدة أمينة) لكل دعوة ناجحة أيضاً، لتكون الملجأ الحصين لأصحاب الدعوة والدعاة، ولتنتشر منها الدعوة إلى الخارج .
لقد أصبحت المدينة أول قاعدة أمينة للإسلام بعد أن هاجر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تكن قاعدة أمينة. حقاً قبل إجلاء بني قينقاع عنها .
لقد كان موقف يهود المدينة يختلف تماماً عن موقف مشركيها .
كان مشركو المدينة يمتون بصلة القربى والنسب إلى الأنصار، أما اليهود فلا نسب ولا قربى لهم مع سكان المدينة من غير اليهود .
وقد أسلم أكثر مشركي المدينة بعد بدر، والذين بقوا على شركهم قليلون، لذلك فخطر هؤلاء على المسلمين قليل .
أما يهود المدينة فقد زادهم انتصار المسلمين في ( بدر ) حقداً على حقدهم، فأصبحوا يتربصون بالمسلمين الدوائر ويتجسسون عليهم ويحرضون أعداءهم للفتك بهم، ويؤذونهم بالقول والعمل .
لقد كان بقاء اليهود بالمدينة بعد انتصار المسلمين في بدر خطراً دائماً لا بد من القضاء عليه لتكون المدينة قاعدة أمينة حقاً للإسلام، ولترتكز عليها قواتهم للحركات المقبلة، ودعوتهم للمستقبل القريب .
لقد ضعفت شوكة اليهود بعد جلاء بني قينقاع عنها، فقد كان أكثر اليهود المنتسبين إلى المدينة يقيمون بعيداً عنها ( بخيبر ) وبأم القرى، وهكذا طهر المسلمون داخل المدينة من أخطر أعدائهم، وأصبحت المدينة قاعدة أمينة للإسلام .
2 – الحصار الاقتصادي
تعتمد قريش في حياتها على تجارتها بالدرجة الأولى، وهي تستورد بعض المواد التي تتيسر في الحبشة والشام، كالمواد الغذائية والمنسوجات، وتصدر إليها بعض المواد الأولية، كالجلود والصوف والطيب الذي يردها من الهند، وطريق مكة – الشام أهم طريق تجارية لقريش، لأهمية تجارة الشام، و لأنها طريق برية يسهل قطعها بالإبل سفن الصحراء .
إن قطع المسلمين الطريق مكة – الشام أثر أسوأ الأثر في الحياة الاقتصادية لقريش، لذلك حاولوا أن يستفيدوا من طريق مكة – نجد – العراق – الشام الطويلة ، حتى لا تموت تجارتهم نهائياً، الا أن المسلمين حرموا قريشاً من هذه الطريق الجديدة أيضاً .
إن فرض الحصار الاقتصادي على قريش، جعلهم أمام مسلكين: محاولة القضاء على المسلمين لتنفتح أمامهم الطرق التجارية المقطوعة، أو الاستسلام قبل أن تموت قريش جوعاً .
إن هدف المسلمين من غزواتهم بعد بدر على بني سليم وغطفان وبني ثعلبة وبني محارب وعلى قافلة قريش، كان الحرمان هذه القبائل من التعرض بالمسلمين وللسيطرة على طريق مكة – الشام وطريق مكة – نجد – العراق، ولم يكن هدف المسلمين الحصول على الغنائم، لأن الذين يحاولون السلب يعودون بسرعة إلى قواعدهم خوفاً على استرداد ما غنموه، ولا يبقون أياماً بل شهوراً في ديار أعدائهم كما فعل المسلمون .
لقد بقي المسلمون ثلاث ليال في ديار بني سليم في المرة الأولى وشهرين في المرة الثانية، وشهراً كاملاً في ديار بني ثعلبة وبني محارب، فهل يبقى كل هذه المدة خائف من عدوه أو طالب للسلب والنهب .
إن الهدف الأول من الحصار الاقتصادي على قريش هو التأثير المادي والمعنوي عليها لتعيد النظر في موقفها ضد المسلمين، وما غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم للقبائل في هذه الفترة إلا للتخلص من تهديدها ولتأمين هدف الرسول صلى الله عليه وسلم من ضرب الحصار الاقتصادي على قريش .
لقد كانت غزوات هذه الفترة ( حرباً باردة) كما يطلق عليها اليوم، وكان لا بد من تطهير ( القاعدة الأمينة) لتأمين النصر من هذه الغزوات .