كانت بعثة الرسول ﷺ ميلاداً جديداً للعالم التائه في ظلمات الجهالة والشرك، وميلاداً جديداً لأمة العرب التي غابت عن صنع القرار السياسي لها ولغيرها، ولم يكن لها الوزن الاقتصادي المؤثر في سياسة العالم، ولم يكن لها عقيدة موحدة تجتمع عندها وتتوحد ليكون لها وزن بين العالمين، فشاء الله أن يمن عليهم ويمكن لهم، ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين، فبعث رسوله وحبيبه محمد ﷺ من هذه الأمة.
ومن ينظر إلى دعوة الإسلام ليجد أنها مرت بمرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى : وتسمى المرحلة المكية وانقسمت بدورها إلى قسمين:
القسم الأول: الدعوة السرية لمدة ثلاث سنوات.
الفترة السرية ضرورة في مثل الظروف التي بعث فيها الرسول ﷺ فقد
جاءهم بدين لم يعرفوه، وبادأهم بأمر لم يألفوه، فلو أنه واجههم به لأول وهلة لحالوا بينه وبين الاتصال بالناس، ولم يمكنوه من تبليغ دعوته، وحينئذ لم تتوفر لديه فرصة الالتقاء بمن آمنوا به ليعلمهم ويفقههم في الدين، ويربيهم التربية
التي تؤهلهم للنهوض بالعبء الضخم الذي ينتظرهم “.
القسم الثاني: الدعوة الجهرية من السنة الرابعة إلى الهجرة.
وكان أبرز خصائص هذه المرحلة التضحية والفداء وتحمل الإيذاء والثبات على الحق ، إن مراحل الدعوة المحمدية، والتي بدأت بالدعوة سراً لمدة ثلاث سنوات، ثم إنذار العشيرة، ومكاشفة المجتمع المكي بهذه الحقيقة، إنما
هي في حقيقتها عملية تدرج وتقدم للدعوة إلى الأمام خطوة بخطوة، وذلك لإرساء قواعدها في المجتمع على أسس راسخة وثابتة ممثلة في الصفوة المختارة من أصحاب العقول النيرة، والقلوب الطيبة والنفوس الخيرة، كأبي بكر الصديق ، وأولئك الأخيار السابقين إلى الإسلام من الصحابة الكرام وأرضاهم .
المرحلة الثانية: وتسمى المرحلة المدنية وانقسمت بدورها إلى عدة أقسام يمكن حصرها فيما يلي:
١- تقوية صلة المسلمين بربهم، وتطبيق الشريعة.
٢- المؤاخاة بين أتباع العقيدة.
٣- دستور المدينة.
٤- الغزوات.
٥- الدعوة خارج شبه الجزيرة العربية.
٦- الوفود المسلمة.
٧- إتمام النعمة، واكتمال الدين
في ظلال السيرة النبوية | شعبان بن أحمد العدوي