فَتـرة الوحـي ونـزول سُـورَة الضُّـحَى

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ فَتَرَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتْرَةً مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَأَحْزَنَهُ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ بِسُورَةِ الضُّحَى، يُقْسِمُ لَهُ رَبُّهُ، وَهُوَ الَّذِي أَكْرَمَهُ بِمَا أَكْرَمَهُ بِهِ، مَا وَدَّعَهُ وَمَا قَلَاهُ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالضُّحى ۝ وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ۝ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى﴾ (الضحى: 1-3) يَقُولُ: مَا صَرَمَكَ فَتَرَكَكَ، وَمَا أَبْغَضَكَ مُنْذُ أَحَبَّكَ ﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى﴾ (الضحى: 4)
أَيْ لِمَا عِنْدِي مِنْ مَرْجِعِكَ إلَيَّ، خَيْرٌ لَكَ مِمَّا عَجَّلْتَ لَكَ مِنْ الْكَرَامَةِ فِي الدُّنْيَا﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى﴾ (الضحى: 5) مِنْ الْفُلْجِ فِي الدُّنْيَا، وَالثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ۝ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ۝ وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى﴾ (الضحى: 6-8)
يُعَرِّفُهُ اللَّهُ مَا ابْتَدَأَهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ فِي عَاجِلِ أَمْرِهِ، وَمَنِّهِ عَلَيْهِ فِي يُتْمِهِ وَعَيْلَتِهِ وَضَلَالَتِهِ، وَاسْتِنْقَاذِهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِرَحْمَتِهِ.

كتاب | سيرة ابن هشام

خُـروجُ الرَّسُولِ ﷺ بِأَصْحَابِهِ إلَى شِعَابِ مَكَّةَ وَمَا فَعَلَهُ سَعـد

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
“وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّوْا، ذَهَبُوا فِي الشِّعَابِ، فَاسْتَخْفَوْا بِصَلَاتِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَبَيْنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِعْبٍ مِنْ شِعَابِ مَكَّةَ، إذْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ نَفَرٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَنَاكَرُوهُمْ، وَعَابُوا عَلَيْهِمْ مَا يَصْنَعُونَ حَتَّى قَاتَلُوهُمْ، فَضَرَبَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِلَحْيِ بَعِيرٍ، فَشَجَّهُ، فَكَانَ أوّل دم هريق فِي الْإِسْلَامِ”

كتاب | سيرة ابن هشام

شارك هذا المقال:

مقالات مشابهة